خريف السخط
ديفيد س. برودر
آخر تحديث:
الأربعاء 9 سبتمبر 2009 - 10:05 ص
بتوقيت القاهرة
آمل بشدة أن يكون أوباما وأفراد أسرته قد تمتعوا بأسبوع العطلة، الذى قضوه فى مارثاس فينيارد، لأن ما سيواجهه الرئيس لدى عودته إلى واشنطن هو بمثابة الجحيم المقيم.
لقد واجه أوباما موقفا صعبا عندما تولى مهام منصبه فى يناير الماضى، بفعل التراجع الاقتصادى الكريه، والتهديد الحقيقى الذى تمثله الأزمة الاقتصادية. لكنه كان فى حالة انتعاش آنذاك بفعل قوة الدفع المرتبطة بالنصر الانتخابى التاريخى الذى حققه، والأمل الواسع الذى بعثه هذا النصر حتى بين أولئك الذين لم يعطوه أصواتهم.
أطلق أوباما سلسلة من المبادرات الطموحة. وفى الوقت الذى بدأت فيه حزمة الإنعاش الاقتصادى تؤتى ثمارها بسرعة، كان هناك شعور ملموس بالحيوية. لكنه بحلول نهاية الصيف، كان هذا الارتياح قد تبدد معظمه، حيث كان الناخبون يشعرون بالاضطراب ونفاد الصبر، وانتاب العاصمة مجددا شعور بالجمود.
وفى غضون ذلك، تكدست مواعيد الاستحقاق فوق بعضها البعض فى الداخل والخارج، بطريقة سوف تقيس مدى تناقص رأس المال السياسى لدى أوباما.
وقد حان موعد استحقاق أربعة رهانات كبرى على الأقل، يتعلق أولها بخطة الإصلاح الداخلى التى تحمل توقيع أوباما، والمتمثلة فى نظام الرعاية الصحية. فقد طالبت اللجنة المالية فى مجلس الشيوخ بمهلة حتى 15 سبتمبر، للعمل على التوصل إلى حل وسط يقبله الحزبان الكبيران، لكن احتمالات عدم نجاح اللجنة فى مهمتها تتزايد بقوة.
وقد أخطأت بشدة فى تقدير رد الفعل الشعبى المتوقع إزاء اجتماعات الكونجرس المفعمة بالغضب، التى شهدتها قاعة البلدية فى أغسطس. فبدلا من أن تؤدى اجتماعات قاعة البلدية إلى إثارة رد فعل مؤيد لأوباما، كما كنت أعتقد، أدت هذه الاجتماعات التى قامت قنوات الكيبل والبرامج الحوارية المعادية فى الراديو بتضخيم ما حدث بها إلى نشر حالة من القلق إزاء الأفكار التى تدور فى ذهن الرئيس. ولم تؤد استجابات أوباما الصبورة والتعليمية إلى تخفيف حدة رد الفعل، ناهيك عن الحصول على دعم قطاعات جديدة للإصلاح الضرورى لنظام الرعاية الصحية المكلف وغير الكفء.
وبالنظر إلى أن أعضاء الكونجرس من الحزب الديمقراطى قد أصبحوا أكثر انقساما، بين المعتدلين القلقين إزاء ارتفاع تكلفة الإصلاح، والليبراليين الذين يصرون على أن هذا الأمر غير قابل للمساومة، فإن جهود الإصلاح الصحى تحتاج إلى دفعة قوية من جانب الرئيس حتى تعود إلى مسارها. لكنه مع بداية الخريف، سيصبح أوباما أكثر تشتتا بفعل تعاظم التحديات فى العراق وإيران وأفغانستان.
ففى العراق، أدى البدء فى خفض عدد القوات الأمريكية إلى تصاعد العنف، مما يلقى بظلال كثيفة من الشك حول قدرة القوات العراقية الحفاظ على الأمن. بينما يقترب فيه موعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق المقرر فى سبتمبر من عام 2010 وفقا للوعد، الذى قطعه أوباما أصبحت الفصائل المتحاربة هناك أكثر جرأة. وأصبحت التحديات تقلق حكومة رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى وقد لا يستطيع الرجل الذى استثمرت فيه الولايات المتحدة الكثير أن يحقق نجاحا فى الانتخابات البرلمانية المقبلة يمكنه من البقاء فى السلطة.
وتمثل إيران تحديا أكبر. فقد منح أوباما طهران مهلة حتى 15 سبتمبر كى تتجاوب مع عرضه لإجراء محادثات بشأن طموحاتها النووية، لكنه لا يوجد أى دلائل تشير إلى أن حكومة محمود أحمدى نجاد المتشددة سوف تصلح الوضع مع أوباما، أو تقوم بأى خطوة أكثر من محاولة تأجيل المحادثات، فى الوقت الذى تستمر فيه أجهزة الطرد المركزى فى الدوران. وتثير إيران المشكلات وتحظى بنفوذ فى العراق، ويشعر قادتها بأن الوقت فى مصلحتهم.
يبدو أن أوباما سوف يُجبر على شن هجوم دبلوماسى كبير فى الأمم المتحدة، خاصة مع روسيا والصين، من أجل إجبار الإيرانيين على التجاوب. غير أنه لا توجد ضمانة تؤكد نجاحه.
ونصل أخيرا إلى أفغانستان، حيث ما زالت نتيجة الانتخابات مشكوكا فيها، ولا تعرف الولايات المتحدة ما إذا كان عليها أن تأمل فى فوز حامد كرزاى، الغارق فى الفساد، أم لا. وقد أكد رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة أن الصراع مع أوباما يسير على نحو سيئ. ومن المرجح أن يطلب قائد القوات الأمريكية الجديد فى أفغانستان الجنرال ستانلى ماكريستال المزيد من التعزيزات لمحاربة المتمردين. وبعد أن كانت الحرب فى أفغانستان تحظى بتأييد واسع داخل الولايات المتحدة، أصبحت شعبية هذه الحرب تتضاءل بشكل متزايد.
بينما رثت واشنطن السيناتور إدوارد كيندى، يواجه الرئيس المسترخى، واليقظ، أوقات هى الأصعب من نوعها.
Washington Post Writers Group