«قانون التجنيد» الجديد.. وإسقاطاته السياسية والأمنية والاقتصادية
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
السبت 9 سبتمبر 2023 - 9:00 م
بتوقيت القاهرة
بعد إقرار تعديل «قانون أساس: القضاء» لتقليص حجة المعقولية؛ قدم أعضاء كنيست من حزب يهدوت هتوراه [اليهود الأشكيناز الحريديم المتشددون دينيا] «مشروع قانون أساس: التعليم التوراتى». وبحسب شرح مشروع القانون، سيتم اعتبار التعليم التوراتى قيمة أساسية فى إرث الشعب اليهودى. وإلى جانب القيمة الإعلانية للقانون، فإن الهدف المركزى الذى يقف خلفه هو السماح بتعديل قانون الخدمة الأمنية بشكل يُمأسس، قانونيا، الإعفاء الجارف من الخدمة العسكرية الذى يحصل عليه أبناء المدارس الدينية. وبحسب مشروع القانون ــ «قانون التجنيد» ــ فإن جيل الإعفاء من الخدمة العسكرية سيغدو أقل (كما يبدو 22 عاما)، وعدد المجندين فى أوساط طلاب المدارس الدينية ستحدده الحكومة، وليس الكنيست. ولن يتضمن القانون أى عقوبات أو أهداف؛ وعمليا، سيتحول تجنيد الحريديم إلى تطوّع، من دون إلزام بالخدمة العسكرية، أو القومية.
• • •
إن القصة السياسية بشأن تجنيد الشبان الحريديم للجيش مستمرة منذ أكثر من 20 عاما. وثمة حكومات تفككت بسبب الترتيب القانونى لإعفاء طلاب التعليم التوراتى من الخدمة العسكرية، وبات الاعتقاد المسيطر هو أن الحل الأخلاقى غير قابل للتطبيق سياسيا، لأن قيادات الأحزاب الحريدية لن تقبل أبدا قانونا يفرض الخدمة الإلزامية على الشباب الحريدى، بالصورة نفسها التى تفرضها الخدمة الإلزامية على كل شاب وفتاة فى إسرائيل. كما أن الواقع السياسى ــ الاجتماعى لا يسمح بحلّ لائق من ناحية قيمية.
يجب التذكير بأنه على الرغم من أن كثيرين من أعضاء الحكومة أعلنوا تحفُّظهم عن قانون أساس «التعليم التوراتى»، فإن القانون موجود فى الاتفاقيات الائتلافية التى وقّعها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حرفيا: البند 90: «بسبب الأهمية التى يوليها الشعب اليهودى للتعاليم التوراتية على مدار الأجيال، سيتم استكمال قوننة قانون أساس: «التعاليم التوراتية» الذى يقرّ بأن التعليم التوراتى هو قيمة أساسية فى إرث الشعب اليهودى، وذلك حتى تمرير الميزانية لسنة 2023. وتم الاتفاق على أنه سيتم الاستمرار فى هذا الإرث فى دولة إسرائيل». وفى الوقت نفسه، إلى حين تمرير الميزانية لسنة 2023، سيتم استكمال تعديل قانون «الخدمة الأمنية»، بهدف ترتيب مكانة طلاب المدارس الدينية بالاتفاق بين جميع مركّبات الائتلاف. وجاء أيضا أنه فى قسم «الدين والدولة» من الاتفاقيات، سيتم ترتيب الموضوع كشرط قبل تأليف الحكومة، ولكن جرى الاتفاق على تأجيله، بشرط استكمال التشريع حتى موعد تمرير الميزانية. وعلى الرغم من التوضيحات التى تشير إلى أن الموضوع جوهرى بالنسبة إلى الأحزاب الدينية، فإن من الواضح أن وظيفة القانون هى منح غطاء قانونى لـ«قانون التجنيد» وضمان أنه سيحصل على مصادقة المحكمة العليا مع وصوله إليها.
• • •
نموذج جيش الشعب ــ قانون التجنيد المقترح، وفى حال تم طرحه مع قانون أساس «التعليم التوراتى»، أو تم تحصينه بطريقة أو بأُخرى من النقض القانونى، سيكون بمثابة المسمار الأخير فى نعش نموذج «جيش الشعب». المبادرة القانونية لا تشرّع التمييز الموجود اليوم فقط، بل تعلن الدولة، من خلال التشريع، أنها لم تعد ترى فى الخدمة العسكرية قيمة عليا. مساواة حقوق طلاب المدارس الدينية بمن يخدمون «خدمة جدية» فى الجيش هى بمثابة التخلى عمّن يخدمون، وأيضا تجاهُل مستفز لمركز الخطورة على الحياة المنوطة بالخدمة العسكرية. بذلك، يتم إغلاق الباب أمام إمكانية الحفاظ على الرواية التى تفرض الخدمة العسكرية الإلزامية. المزيج ما بين عدم المساواة المعلن، إلى جانب تقليل قيمة الخدمة العسكرية، يشجع على احتجاج الجمهور الذى يخدم. يمكن رؤية إشارات إلى ذلك اليوم، حركة الاحتجاجات «أمهات فى الجبهة»، وتقديم استئناف بشأن الموضوع، وطرح مطلب المساواة بالخدمة فى مركز الاحتجاجات الجماهيرية ضد «الإصلاحات القضائية».