المطلوب خطوة جريئة
من الصحافة الإسرائيلية
آخر تحديث:
الجمعة 9 أكتوبر 2015 - 11:35 ص
بتوقيت القاهرة
إن الوضع الراهن – هذا إن كان ما يزال قائما ــ بين إسرائيل والفلسطينيين يلفظ أنفاسه الأخيرة، والانتفاضة الفلسطينية الثالثة بدأت، بغض النظر عما سيكون اسم الثورة الفلسطينية الجديدة ضد الاحتلال الإسرائيلى، وحدها خطوة جريئة من جانب قادة الطرفين، إذا أدركوا حجم الكارثة التى على وشك أن تحدث لشعبيهما، يمكن أن تمنع حدوث الكارثة المقبلة.
لكن تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) فى الأيام الأخيرة، لا توحى بأنهما مستعدان للقيام بما هو مطلوب من قيادة شجاعة تضع مستقبل شعبها نصب أعينها.
قال نتنياهو فى ختام المداولات الأمنية بمشاركة وزير الدفاع، ووزير الأمن الداخلى، ورئيس الأركان، ورئيس الشاباك، وضباط الشرطة وغيرهم من الذين جمعهم أول من أمس، إنه طالب بالإسراع فى هدم منازل المخربين كإحدى الوسائل لكبح موجة الإرهاب، وأضاف نتنياهو أيضا أنه أمر بتوسيع الاعتقالات الإدارية لمثيرى الشغب، وزيادة عدد القوات فى القدس وفى مناطق الضفة، وإبعاد المحرضين عن تخوم البلدة القديمة وعن جبل الهيكل (الحرم القدسى الشريف)، وقال:«إننا نخوض حربا لا هوادة فيها ضد الإرهاب الفلسطينى»، وجاء فى البيان الذى صدر فى نهاية الاجتماع: «طلبت تنفيذ خطوات إضافية من أجل منع الإرهاب ولردع المهاجمين ومعاقبتهم»، وقيل خلال النقاش إن تقدير الجيش هو أنه حتى الآن ليس هناك تنظيم واسع فى الضفة لانتفاضة جديدة، وأشير إلى أن ما يجرى هو موجة إرهاب يساهم فى إحداثها تحريض السلطة الفلسطينية.
ليست السلطة الفلسطينية هى التى بادرت إلى الأحداث الدموية التى وقعت فى الأيام الأخيرة، لكنها أيضا لم تحرك إصبعا لوقفها، وما يزال التعاون بين أجهزة الأمن فى السلطة والشاباك والجيش مستمرا، لكن هناك جوا يوحى بـ«انتهاء الاتصال»، كما ذكر مصدر أمنى رفيع، وقد اتصل أبومازن بالأمين العام للأمم المتحدة وطلب منه تنظيم تدخل دولى من أجل إنقاذ الشعب الفلسطينى.
إن التوصيات والأفكار التى يطرحها نتنياهو وأبومازن هى«من النوع عينه». وحلول نتنياهو ويعلون والمؤسسة الأمنية نوقشت سابقا، وهى تخفى فى طياتها الافتراض الفاشل منذ عشرات السنوات والقائل «ما لا يحدث بالقوة يحدث بالمزيد من القوة»، وفى السلطة الفلسطينية التى توشك على الانهيار يقولون: «اللغة الوحيدة التى تفهمها إسرائيل هى لغة العنف».
يواصل الطرفان التحدث بمصطلحات الماضى ويتصرفان مثل شخصيات فى تراجيديا إغريقية. لكن بالاستناد إلى أرسطو، ففى التراجيديا يجب أن تحدث دائما كارثة، بمعنى أنها نتيجة وضع لا حل له، لكن على نقيض التراجيديا الإغريقية حيث الآلهة أقوى من البشر، ففى النزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى يوجد حل وهو فى متناول البشر.
• ثمة حاجة ملحة إلى خطوة سياسية تفتح طريقا أمام الزعيمين أساسها الاستئناف الفورى للمفاوضات بدعم عربى ودولى، ووقف العنف من الطرفين، وتهدئة النفوس، ووقف البناء فى المناطق، وبادرات حسن نية وتسهيلات من جانب إسرائيل، وقبل كل شىء تعهدات حقيقية بتحقيق سلام مؤلم مع تنازلات قاسية.
مع القيادة الحالية، فإن فرص حدوث ذلك ضعيفة. ومن المرجّح أكثر أن الطرفين سيسيران نحو الكارثة التى تنتظرهما مثلما يحدث فى التراجيديا الإغريقية.
يوسى ميلمان - معلق عسكرى
معاريف - نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية