مرحبًا أيها الحزن!
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الإثنين 9 نوفمبر 2009 - 10:51 ص
بتوقيت القاهرة
أستعير العنوان من قصة صنعت شهرة الكاتبة الفرنسية فرانسواز ساجان، والتى كتبتها وعمره لا يتجاوز السابعة عشرة حينها. ما زالت صورتها ماثلة فى ذاكرتى بملامحها الذابلة، شعرها القصير وكيانها الهش وعيون واسعة سوداء تفيض بحزن شفيف، ولكن لماذا حدث الحزن هذا الصباح؟
كان الحزن موضوع دراسة مهمة خرجت من استراليا هذا الشهر. وعكس كل ما يتبادر للذهن من صورة سلبية للحزن فقد أكدت الدراسة أن فى الحزن مواطن قوة لا يستهان بها فهو يعزز القدرة على التفكير اليقظ الحذر الذى لا يجعل الإنسان ينخدع بسهولة أو يعتمد على البديهيات المعروفة فى اتخاذ قراراته.
أجرى الدكتور جوزيف فورجاس طبيب علم النفس وفريقه عددا من التجارب النفسية على فريقين من المتطوعين استحدث فيهما شعور الحزن أو الفرح عن طريق متابعة أفلام سينمائية معروفة بتأثيرها المبهج أو المحزن أو تذكر أحداث بعينها من حياتهم لها أثر لا ينسى.
طلب من المشاركين الحكم بالمنطق على أساطير معروفة وشائعات ترددت فكان الفريق الذى يعانى حالة الحزن أكثر حكمة وأقل تصديقا للأساطير أو انخداعا بالشائعات.
وتوالت التجارب النفسية المدروسة فكان أصحاب المزاج القاتم أكثر صدقا ووضوحا فى التعبير عن أنفسهم كتابة، وبدت إجاباتهم أكثر اتساقا مع حالتهم فى توصيفهم لها ووصفهم لما يدور فى رءوسهم، وهو الأمر الذى دعا الطبيب النفسى إلى وصف سلوكهم بأنه قد يدعم أسلوب اتصال أكثر واقعية، وبالتالى أكثر نجاحا.
كان أيضا أصحاب المزاج الرمادى أكثر حكمة فى اتخاذ القرارات وحل المسائل الاجتماعية، كما كانوا أقل عنصرية فى إجاباتهم وأكثر تسامحا فيما يتعلق بالدين، وبدت قدراتهم على تذكر الأحداث والتواريخ المهمة أكبر من أصحاب المزاج الإيجابى المتفائل.
أظن فى النهاية أن طبيب النفس قد درس حالات خاصة من الحزن، الذى يتبقى على سطح الجلد فلا يضرب بجذوره فى عمق النفس فكان ما أحدثه حالة من التوازن النفسى والعقلى أقرب إلى الشجن فى نفوس من تطوعوا لدراسة سلوكهم فى لحظات البهجة والقتامة.
لا تستجيبوا للأحزان ولا ترحبوا بها بل قاوموها فإنها تقف فى صف الفيروسات ضد جهاز مناعة الإنسان ونحن أحوج ما نكون إليه فى أيامنا هذه.