تقرير الدكتور يونس

عمرو خفاجى
عمرو خفاجى

آخر تحديث: الخميس 10 يناير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

فى ذات اللحظة التى نهنئ فيها السيد الأستاذ الدكتور وزير النقل الجديد بتوليه هذا المنصب الرفيع، ندعو له الله أن يخرجه بالسلامة مما ابتلاه به ربه من هذه المسئولية الجسيمة بحق، ندعو له أن يخرج سالما من كل شر ونيابة وتحقيق، مما سيحدث بالتأكيد فى قادم الأيام ولن يكون هو مسئولا عما حدث بالتأكيد، ولكن، وكالعادة سيجد الجميع فيه الضحية الواجب نحرها عندما نجد الكارثة أمامنا وجها لوجه، مثلما تفعل قطاراته أحيانا، ويرغب الجميع فى الفكاك من المسئولية، والتى هى بالضرورة مسئوليتنا جميعا.

 

سيادة الوزير، عليك ان تعلم، ونحن قبلك، حال هذه الهيئة التى كنا نتشرف بها باعتبارنا من رواد العالم فى السكك الحديدية، ولا أجد أفضل من تقرير لجنة حادثة أسيوط الأخيرة، لنفهم ماذا يمكن أن يحدث فى هذا الوطن بعلم الجميع، رئيسا وحكومة وشعبا، لكن تذكر أنك ستكون الضحية وحدك (مع ضحايا الحادث بالطبع)، التقرير الذى أعدته اللجنة برئاسة الدكتور حسن يونس أستاذ هندسة الطرق بجامعة أسيوط والذى سلمه للنيابة، كفاك الله المثول أمامها، انتهى إلى «أن جميع مسئولى السكك الحديدية مشاركون فى سبب وقوع الحادثة بدءا من عامل المزلقان وعامل البلوك الذى وقعت عنده الحادثة، وحتى وزير النقل، مرورا برئيس هيئة السكك الحديدية وجميع المسئولين والمشرفين عن متابعة ورصد حركة سير القطارات»!!

 

أما إذا قرأت التقرير كله، ستعرف أيضا، أن كل المسئولين السابقين متهمون فى هذه الحادثة، وغيرها بالطبع، وأن الموقف ليس بالسوء الذى نتخيله، بل أسوأ بكثير، وعليك، وعلينا، أن نمتلك الشجاعة لبدء مواجهة الكارثة التى تحيق بنا فعلا.. يقول تقرير الدكتور يونس «إن القطار الذى تسبب فى الحادث يعمل على خطوط السكك الحديدية دون أى صيانة بشكل حقيقى منذ ٣٢ عاما وأصيبت أجهزته بالعطب وعدم الدقة» وان «السائق حاول فرملة القطار ساعة الحادثة لكن عدم كفاءة الفرامل لم يسعفه فسحب الأتوبيس أمامه». والفرامل لا تتعدى كفاءتها ٨٠٪ وفقا للتقرير.

 

أما الجزء الأخطر فى التقرير، والذى يمكن تعميمه على حال الكثير من هيئاتنا ومرافقنا فيكشف انه «لا يوجد جهاز أو اشارة أو سيمافور يعمل بطريقة طبيعية أو بكفاءته العادية، أو حتى اقل من العادية، كما ان القضبان فى مكان الحادث لم تتغير منذ أكثر من نصف قرن من الزمان رغم تعرضها للتآكل وتأثرها بعوامل التعرية». هنا تماما نفهم ما يحدث فى بلادنا: لا شىء يعمل كما ينبغى ان يعمل، فالكفاءة العادية وغير العادية ليست موجودة والقضبان لم يتم تغييرها منذ أكثر من نصف قرن.. والمصيبة أن الملايين يركبون هذه القطارات كل يوم، ونحن مشغولون رئاسة وجماعة وأحزابا وإعلاما بعدم جواز تهنئة المسيحيين بأعيادهم ثم نصرخ جميعا أن وزير النقل هو المسئول.. أقيلوه.

 

أعتقد أن تقرير الدكتور يونس، رغم كآبته، بداية الخروج من المأزق، ونحتاج إلى ألف تقرير من هذا النوع عن حال البلاد بغض النظر عن أن خيرت الشاطر وقع على بيان عدم تهنئة الأقباط أو لم يوقع.. فهذه ليست أزمتنا يا سادة.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved