مظالم منسية!
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الأحد 10 يناير 2016 - 10:40 م
بتوقيت القاهرة
هل يتذكر أحد أن المدعى العام الأول للمحكمة الجنائية الدولية، لويس مارينو أوكامبو، طالب فى 2008 بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السودانى عمر البشير بتهم ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب فى دارفور؟
هل يتذكر أحد أن المحكمة الجنائية الدولية وافقت فى 2009 على طلب أوكامبو، وأصدرت مذكرة توقيف واعتقال للرئيس السودانى، ودعت مجلس الأمن إلى الاضطلاع بمسئولية تنفيذها؟
هل يتذكر أحد تفاصيل كارثة دارفور آنذاك، بين عامى 2008 و2009؟
هل يتذكر أحد أن التقديرات الدولية، حكومية وغير حكومية، كانت تشير فى هذه الفترة إلى أن قوات الجيش السودانى وميليشيات الجنجاويد المتحالفة معها قتلت حول 30000 من سكان دارفور، وارتكبت انتهاكات وجرائم أخرى لم تقتصر على اغتصاب النساء والاعتداءات الجنسية الممنهجة، وتسببت فى تشريد وتهجير أغلبية السكان من مناطق معاشهم التقليدية، وأدت عملياتها العسكرية المستمرة إلى تدهور مأساوى فى الظروف المعيشية كان أكثر ضحاياه من الأطفال الذين عانوا من معدلات وفيات (حول 20 بالمائة من الأطفال) وسوء تغذية (حول 50 بالمائة من الأطفال) مرعبة؟
هل يتذكر أحد عاصفة الرفض الرسمى العربى المعهودة ضد أوكامبو والمحكمة الجنائية الدولية، والاتهامات التى طالتهما بشأن التورط فى المؤامرات الغربية ضد الدول العربية؟
هل يتذكر أحد تجاهل الحكومات العربية للجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان التى كانت ترتكب فى دارفور، هذه الجرائم والانتهاكات التى كان رئيس دولة عضو فى جامعة الدول العربية يرتكبها ضد شعبه ــ تماما مثلما تجاهلت الحكومات العربية قبل دارفور جرائم صدام حسين ضد الشعب العراقى والقبور الجماعية التى حفرت لضحاياه وجرائم حافظ الأسد ضد الشعب السورى وجرائم عسكريى الجزائر ضد المدنيين؟
هل يتذكر أحد تذرع الكثير من الكتاب العرب فى رفضهم لمذكرة توقيف الرئيس البشير من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتسييس أدوات وإجراءات العدالة الدولية وتجاهل المحكمة للجرائم الإسرائيلية فى فلسطين والانتهاكات الأمريكية المتواصلة (آنذاك من أفغانستان والعراق إلى جوانتانامو)، وامتناعهم عن الاعتراف بكون توقيف الرئيس البشير يمثل تطبيقا سليما لقواعد القانون الدولى ومن ثم المزج بين مثل هذا الاعتراف وبين المطالبة بحتمية تطبيق نفس القواعد على مجرمى الحرب الإسرائيليين والأمريكيين؟
هل يتذكر أحد صرخات الألم والإحباط التى خرجت من بعض المدافعين عن حقوق سكان دارفور بشأن تواطؤ الحكومات العربية مع الرئيس البشير وبشأن تجاهل الرأى العام العربى للكارثة؟
هل يتذكر أحد أيا من ذلك؟
لمن يتذكرون ومن لا يتذكرون، كارثة دارفور مازالت بجرائمها ضد الإنسانية وانتهاكاتها الممنهجة واقعا أليما فى 2016. لمن يتذكرون ومن لا يتذكرون، لم تعد دارفور الكارثة الإنسانية الوحيدة فى السودان، فإليها أضيفت جبال النوبة وكردفان ومناطق أخرى تشهد هى الأخرى إجراما وعنفا حكوميا. لمن يتذكرون ومن لا يتذكرون، تعتاش المظالم على النسيان ويزيد التجاهل من بأس الظالمين.