السيدان علاء وجمال...!!
وحيد حامد
آخر تحديث:
الأربعاء 10 فبراير 2010 - 10:01 ص
بتوقيت القاهرة
ربما يكون السيد علاء مبارك الأكثر قبولا وشعبية لدى الناس فى مصر، وذلك لأسباب عديدة، أولها: أن القبول هبة من الله سبحانه وتعالى، ولا يصنع ولا يفرض على الناس بأي وسيلة، والإلحاح فى طلبه يأتي بنتائج عكسية.
الأمر الثانى: أن الرجل هادئ وبسيط لا يتحرك فى ضجة أو صخب، وغالبا ما يشاهد بين الناس كأنه واحد منهم، دون أن يحس به أحد.
الأمر الثالث وهو الأهم: أنه ابتعد تماما عن دائرة الصراع على الحكم، كرغبة أو حتى أمنية. إنه يدير أعماله شأنه شأن أى رجل أعمال فى هذا البلد، وهو نادر الظهور إعلاميا، ولا تطارده الصحف والقنوات الفضائية، أو تتبع أخباره على اعتبار أنه لن يكون صاحب سلطة، لأنه زاهد فيها..
والإعلام بكل أنواعه يسعى وراء طلاب السلطة على اعتبار ما سيكون ــ إذا أراد الله ــ ويأتي وقت الحصاد وجني الثمار.. وأيضا كما سمعت، فأنا لا أعرف الرجل.. إنه كريم وعطوف وشهم. وقد حكى لي أحد العاملين فى الحقل الإعلامي أنه كان يسير فى شارع الشانزليزيه بمدينة باريس وهو مفلس تماما وضائع.. وخرج إلى هذا الشارع تحديدا وهو على يقين أنه سيجد أحد أبناء وطنه يطلب منه المساعدة، فكان حظه أن الشخص الذي صادفه هو علاء مبارك الذي منحه مبلغا محترما أنهى كل مشاكله فى الغربة.. وعندما أصابته مصيبة بفقد ولده تعاطف معه ومع الأسرة كلها كل من علم بها، وسكن الحزن القلوب بصدق..
وربما يكون السيد جمال مبارك علامة استفهام كبيرة.. حاله مثل حال «القمر» يسطع أحيانا، وتصبح أخباره وتحركاته وصوره فى جميع وسائل الإعلام وبكثافة شديدة ومبالغة مفرطة توحى بأن هذا الشاب هو رجل مصر القادم.. وأحيانا يغيب تماما وتختفي أخباره وكأنه فى إجازة غير معلن عنها أو مسافر فى مهمة، ولأنه لا يشغل منصبا رسميا فى الدولة فإن من حقه أن يعطى لنفسه إجازة فى الوقت الذى يريد..
إلا أن الحاصل غير ذلك تماما، والثابت فى وجدان غالبية الناس أن الدور الذي يلعبه السيد جمال فى إدارة الدولة أكبر بكثير من الدور الذي يلعبه فى إدارة الحزب الوطني الذي يرأس لجنة سياساته؟.. وهو مقدم على سائر الوزراء في أي مكان يجتمع فيه وزراء، وكثيرا ما يتحدث عنهم وبدلا منهم وفى وجودهم وهم صامتون.. وهو يعرف عن يقين وصدق أن الآلة الإعلامية الحكومية تعمل بكل طاقتها للقبول به رئيسا بعد الرئيس حسنى مبارك أطال الله فى عمره، ومع هذا يحرص على غموض موقفه، فلا يصرح أبدا إذا كان يريد أو لا يريد؟..
وهذا فى غير صالحه، حيث إن التردد وعدم المكاشفة يأتيان بالنتائج السلبية وليست الإيجابية.. ولا أحد يختلف على أنه وطنى مخلص وطموح ولكن عالمه بالكامل محصور فى الحزب الوطني.. والحزب الوطني ليس الوطن.. مثلا السيد الرئيس حسنى مبارك رغم أنه رئيس الحزب، إلا أن عالمه هو مصر بحلوها ومرها والرئيس يعلم أن مرها أكثر من حلوها.. وحقيقة الأمر الواضحة لعامة الناس أن علاء مبارك يتصرف على أنه ابن الرئيس، والسيد جمال يتصرف على اعتبار أنه نائب الرئيس، وهذا الأمر هو الذى صنع حاجزا بينه وبين الناس..
بالإضافة أنه لا يملك أى سلطات تنفيذية تسمح له بأن يقدم شيئا ملموسا يمسك به المواطن، وبالتالي فهو لا يملك سوى الوعود، ومن كثرة الوعود التى تلقاها أهل مصر ولم تنفذ تصبح زيارات وجولات السيد جمال زفة سرعان ما تنتهي أو «مولد بلا حمص» ويكلف ميزانية الدولة من الأموال ما تحتاجه مرافق ومدارس ومستشفيات ... و... و...
ورجل مثلى يحب أن يكون للرئيس وللسيدين علاء وجمال جماهيرية حقيقية ومؤثرة.. جماهيرية شعبية تحيطهم وتحميهم وتدعمهم.. لا جماهيرية المحيطين بهما والمنتفعين بهما ولاسيما أن هناك قولا مأثورا يقول: «إذا أردت شيئا من السلطان فعليك بمصادقة الأمير» وهناك من يؤكد أن للسيد جمال فريقا من الأصدقاء يسمع لهم ويسمعون منه، وقد يكون هذا كذبا وافتراء ولكن المثل الشعبى يقول: «مفيش دخان من غير نار» ومثل آخر يقول: «العيار اللى ما يصبش يدوش»
ولا أدرى إذا كانت ثقافة السيد جمال تهتم بهذه الأمثال أم لا.. وقد توقفت طويلا أمام الأحداث الأخيرة والمفزعة التى نتجت بسبب مباريات كرة القدم والتنافس المشتعل ثم الفرح بالفوز الذى هو انتصار للإرادة المصرية والدليل القاطع على أننا نستطيع أن نكون عندما نريد أن نكون..
وقد كان السيدان علاء وجمال فى طليعة المشجعين وهذا أمر طيب ومحمود على اعتبار أنهما من أفراد هذا الشعب الذى يتلهف إلى الفرحة ولمكانتهما فى قلوب الجماهير بفضل أنهما أولاد الرئيس والضرورة تقتضى أن يشاركا الجماهير الفرحة.. وأيضا المشاركة فى المناسبات الاجتماعية والدينية.. والإنسانية والوطنية.. وأيضا المناسبات الحزينة التى تصيب الشعب المصرى كله..
من المؤكد أن وجود السيدين علاء وجمال فى الأماكن التى دمرتها السيول ومشاركة المنكوبين مأساتهم الإنسانية وهى من كوارث الطبيعة كان سيكون له أكبر الأثر الطيب والحميم فى نفوس أهل مصر جميعا، قد يقول قائل ولكن الرئيس الأب فعل ذلك.. نقول وأيضا الرئيس الأب شارك المنتخب الفرحة.. وجود السيدين فى صعيد مصر للمشاركة فى إخماد نار فتنة كادت تشتعل بسبب حماقة شخص مأفون صناعة الأعيان المهووسين بالزعامة والجاه والجبروت.. وجودهما فى مكان وزمان هذه المحنة كان سيكون أصدق تعبير عن رفضهما لكل ما يهدد وحدة الوطن الواحد والمشاركة الفعلية لهموم الناس، ويؤكد تواصلهما مع الناس والإحساس بهم..
وأعتقد أن السيد جمال الذى اقتحم عالم السياسة بإرادته عليه أن يعلم أن حضور الأفراح لا يكفى .. ولا حتى حضور مناسبات الحزن والألم.. وإنما التواصل الحقيقي مع الناس والتعايش معهم هو الذي يقرب أو يبعد، يجلب الحب أو الكراهية.. يأتي بالقبول أو الرفض.. ومن يُرد التعرف على الشعب المصري لا يبحث بواسطة معلومات الإنترنت، ولكن عليه أن يختلط بالناس ولا يعزل نفسه عنهم.. يدخل العشوائيات لا يشاهدها فى ديكورات الأفلام.. لأن الناس تحب من يكون معها فى الفرح وفى الحزن.. ولا تحب من يتفرج عليها فى كلا الأمرين دون يشارك