الحشمة مقدمة على الحياة
صحافة عربية
آخر تحديث:
الإثنين 10 فبراير 2014 - 4:40 ص
بتوقيت القاهرة
توفيت منذ يومين طالبة ماجستير فى كلية الدراسات الاجتماعية فى جامعة الملك سعود للبنات بسبب أزمة قلبية، لكن الحكاية ليست فى السبب الصحى للوفاة، بل فى السبب الأيديولوجى لتأخر الإسعاف. فإصابة المرء بأزمة قلبية لا تقود بالضرورة إلى الموت ــ بمشيئة الله ــ إذا ما تمّ التدخل السريع لعلاجها، لكن لو تأخر الإسعاف أو انعدم فإن المصاب سيموت، وهذا ما حدث مع طالبة الماجستير آمنة. الإسعاف لم يتأخر، بل جاء بعد الاتصال به، ووقف خارج المبنى ساعتين ينتظر الإذن بالدخول، لأن من فى الداخل نساء، والدخول إليهن حتى ولو لإسعاف مصابة، له شروط ومتطلبات.
أتخيل أن هناك ارتباكا يحدث عادة حين يتعلق الموضوع بامرأة، ولا بد من أن الموظفة المسئولة فى الكلية شددت على ضرورة الاتصال بالمحرم، وأخذ إذنه وأنفه وكل ما يمتّ لأعضاء سلطته، ووصايته الموقرة، بالموافقة على أن يتم إسعاف «حرمته» التابعة له ولإقطاعيته!
حادثة موت آمنة تذكرنا بحادثة حريق مدرسة بنات فى مكة عام ٢٠٠٥، التى أسفرت عن موت ١٥ طالبة، وتسببت فى الإطاحة بجهاز الرئاسة العامة لتعليم البنات ودمجها مع وزارة التربية والتعليم، وكان سبب وفاة الفتيات الـ١٥ أيضا «الحشمة».
هل الحياة رخيصة إلى هذا الحد؟ إلى درجة أن يفكر المرء بأنه يجب أن يكون بكامل حشمته، حتى وهو يواجه أزمة قلبية أو يحترق بالنار؟ أليست لهذه الأخطار آلام تفوق آلام الخجل والانكشاف؟ وهل يكون الذكر ذكرا وهو فى موقع الطبيب أو المسعف؟ وهل المرأة فى حال الحريق أو المرض ليست إلا جسدا مثيرا ومغريا؟ إنها حال من التدخل الإنسانى تغيب فيه الغرائز وسطوة المفاهيم الاجتماعية وحتى الدينية، فالقانون الفقهى نفسه يبيح المحظورات عند الضرورات.
بدرية البشر