الصحافة وروح العصر..!
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الأحد 10 فبراير 2019 - 11:50 م
بتوقيت القاهرة
** اتصل بى صباح أمس الصديق طارق قنديل، عضو مجلس إدارة النادى الأهلى، وقال: «أختلف معك.. فما صدر عن مجلس إدارة النادى كانت قرارات وليست بيانا»، قلت: معك حق هو خطأ غير مقصود أعتذر عنه. واعتذارى مرجعه عدم الدقة. وهو ما يدفعنى إلى حديث آخر عن الصحافة التى كانت آية النصف الأول من القرن العشرين..!
** عاشت الصحافة الرياضية منذ عام 1831حين ظهرت صحيفة «روح العصر» الرياضية المتخصصة فى الولايات المتحدة، وكنت أخشى على الصحافة من الانقراض إزاء الهجوم الفضائى والتليفزيونى والسوشيال ميديا، فهى لم تعد صاحبة السبق فى الخبر، ولم تعد تملك سرعة عدسات التليفزيون وميكرفوناته وتغريدات المغردين، لكنها ما زالت تملك ما لا تملكه الوسائل الأخرى التى تنافسها.
** أتذكر الآن كيف تابعت فى يوم من الأيام تغطية الصحافة الإنجليزية لعملية تعاقد اتحاد كرة القدم للمرشح لتدريب المنتخب، فابيو كابيللو، وكيف بحثت وفتشت فى حياته من جميع الوجوه.. ولم تترك صغيرة أو كبيرة، فكيف تتعامل مع اللاعبين، وكم هو قاس وعنيف، ودللت على ذلك بوقائع وأحداث، وتناولت اهتماماته، ومنها أنه جامع للوحات الفنية، ويمتلك العشرات منها فى منزله.. وتحدثت عن أسرته وزوجته وابنه. وكم كانت القراءة لكل تلك التفاصيل ممتعة، وكم كان التعلم متعة أكبر!.
** هل تدرس أنديتنا تلك الأمور وهى تتعاقد مع مدرب؟ هل تتابع صحافتنا وإعلامنا تلك التفاصيل حين يتعاقد ناد مع مدرب؟
** أكرر ما قاله الأستاذ محمد حسنين هيكل فى يوم من الأيام عن الصحافة، وكان بالنص: «لعلى واحد من الذين يعتقدون أن صحافة الكلمة رهان على المستقبل، وذلك امتيازها. ومع أن صحافة الصورة هى الأكثر سرعة وجاذبية، إلا أنها لا تنقل غير ما تراه العدسة فى محيطها، تلتقط الراهن والحاضر وليس أبعد فى حين تبقى الكلمة شعاعا قادرا على تجاوز المرئى، الراهن والحاضر، وملامسة المستقبل والتعريف به، رؤية وإمكانية»..!
** لكن صحافتنا المقروءة فقدت الكثير لأنها، باتت صحافة الفاكس والخبر الجاهز، والتلقى والانتظار ولم تعد تهتم بالتفاصيل، وبالمشاهد المكتوبة وبالخيال، وتغيب عنها الدقة فى كثير من الأحيان. وإذا غابت فلا مجال أبدا للاعتذار.
** الدقة مهمة فى الصحافة وفى أى عمل أو مهنة. والموضوعية والضمير المهنى فى غاية الأهمية فى أى عمل أو مهنة. وصياغة قصة صحفية دقيقة، وقاسية، ليست موقفا ضد لاعب وضد لعبة وضد دولة، فهذا ليس صحيحا على الإطلاق. لكن للأسف هذا واقع فى محيطنا العربى الذى يعتبر النقد والعرض المهنى الأمين الذى يهدف للمصلحة العامة كلاما مسموما وهجوما إن لم يكن صاحب الرأى يتبنى وجهة نظر المصدر..!
** فى الإعلام العربى هناك ظاهرة مريضة، وهى أن الكاتب أو المذيع أو مقدم البرنامج يجلس فى مكتبه متثائبا ومنتظرا حصة الإملاء، كى يخلط بين ما يتلقاه وما يصنعه.. وهنا تحتضر الحرية الصحفية والإعلامية بمعناها الذى أفهمه حيث يحلق الصحفى والإعلامى بقصصه وأخباره وبالصياغة والبلاغة البديعة التى تصنعها موهبته وأسلوبه كى يصل إلى جمهوره دون قيد واحد يوضع فى معصمه أو فى رأسه..!
** تلك هى «روح العصر».. ومن المصادفة أن هذا كان اسم أول صحيفة رياضية تظهر فى عالمنا قبل مائتى عام تقريبا..!