نشر موقع درج مقالًا للكاتبة هلا نهاد نصر الدين، تحدثت فيه عن تكريس منظمة الأيباك ميزانيتها فى الانتخابات الأمريكية، لمساعدة المرشحين الداعمين لإسرائيل على الفوز والعكس، أى إنفاق مليارات الدولارات ضد حملات المرشحين الداعمين لحقوق الشعب الفلسطينى. ركزت الكاتبة على دور المنظمة فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، لا سيما فى ولاية ميشيجان التى تتمتع بحضور أصوات عربية وإسلامية.. نعرض من المقال ما يلى:مليون دولار أمريكى هى ميزانية «أيباك» للإطاحة بالجناح الديمقراطى التقدمى فى مجلس النواب، بخاصة أعضاء ما يسمى بـ«الفرقة» أو Squad، وهم منتقدون لانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان ضد الشعب الفلسطينى، ويعارضون التمويل العسكرى الأمريكى للإجرام المستمر على غزة.. فمن هى هذه المنظّمة المشبوهة.. وما دورها منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة؟
• • •
AIPAC أو الـAmericanــIsrael Public Affairs Committee، هى اللجنة الأمريكية – الإسرائيلية للشئون العامة، منظّمة تدافع عن السياسات الأمريكية الداعمة لإسرائيل. تأسست فى عام 1963، وتعد واحدة من أكثر جماعات الضغط تأثيرًا فى واشنطن فى الانتخابات وفى الإعلام ومراكز صنع القرار السياسى فى الولايات المتحدة الأمريكية.
«يولى الجميع اهتمامًا لـAIPAC ولسبب وجيه، منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضى، وُجهت تبرعات كبيرة بشكل غير رسمى لحملات مرشحين مختارين للكونجرس. رسالتها حول الشرق الأوسط أساسية فى حوار السياسة الخارجية فى واشنطن»، بحسب صحيفة واشنطن بوست.
• • •
تخوض «أيباك»، اليوم، حملة شرسة لجمع الأموال لإسرائيل، على الرغم من الانتقادات الداخلية. بحسب تحقيق لـIntercept: «قدمت أيباك تبرعات بقيمة نحو 95,000 دولار للنائب مايك جونسون، من لويزيانا، فى نوفمبر 2023.. كانت مجموعة الضغط هذه المؤيدة لإسرائيل أكبر المتبرعين لجونسون فى عام 2023، إذ سكبت الأموال فى حملته الانتخابية بعد قيادته مرور حزمة مساعدات بقيمة 14 مليار دولار لإسرائيل».
قدمت اللجنة السياسية لأيباك مجموع تبرعات بقيمة 104 آلاف دولار لجونسون العام الماضى، وكانت غالبية الدفعات بعد بدء حرب غزة وبعد انتخاب جونسون كرئيس لمجلس النواب فى أواخر أكتوبر الماضى. وهذا يزيد أربع مرات تقريبًا على نحو 25 ألف دولار التى قدمتها المجموعة لحملته الانتخابية النيابية السابقة، عندما كانت أيضًا أكبر متبرع له، كما أفاد تحقيق Intercept المذكور سابقًا.
أخيرًا، أطلقت أيباك، من خلال حليفتها Democratic Majority for Israel، DMFI أى الغالبية الديمقراطية لإسرائيل، حملة إعلانية فى ميشيجان تشجّع الناخبين والناخبات على اختيار اسم جو بايدن فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى. أتى هذا ردًا على دعوة من AntiــWar Michinganders، أى من مجموعة أهالى ميشيجان المناهضين للحرب الذين دعوا الناخبين والناخبات إلى اختيار خيار «غير ملتزم» (uncommitted) احتجاجًا على سياسات بايدن، بخاصة دعمه لإسرائيل فى حربها على غزة.
لا شكّ فى أن الحملة التى دعت إلى اختيار خيار «غير ملتزم» كانت فعّالة، إذ إنّ أكثر من 100 ألف ناخب وناخبة، أى نحو 13 فى المئة، عبّروا عن عدم التزامهم التصويت لبايدن، وذلك تنديدًا بدعمه الجرائم الإسرائيلية على قطاع غزة، والتى قتلت ما يزيد على 30 ألف شخص فى القطاع.
من المرجّح أن يكون هذا سبب إصرار بايدن على الاتفاق بشأن وقف إطلاق النار قبل شهر رمضان. فى هذا السياق، وجّهت كامالا هاريس، نائبة الرئيس بايدن، رسالة حادّة إلى إسرائيل فى 3 مارس 2024، بشأن «الكارثة الإنسانية» فى غزة، ما اعتبرته بعض وسائل الإعلام «أقوى تصريح حتى الآن من جانب زعيم أمريكى بشأن غزة»، إلى الحدّ الذى وصفته جريدة الجارديان البريطانية بـ«أشدّ توبيخ» حتى اليوم. دعت هاريس إلى وقف فورى لإطلاق النار فى غزة ودخول المزيد من المساعدات الإنسانية والإفراج عن الأسرى.
فى خطاب للسيناتور برنى ساندرز، انتقد بشدة تأثير «أيباك» فى السياسة الأمريكية، وقال: إنّه بمجرّد أن يتناول أى شخص حقوق الشعب الفلسطينى أو ينتقد الجرائم الإسرائيلية، يصبح هدفًا للمنظّمة. وأشار إلى أن أيباك أنفقت ملايين الدولارات فى ميشيجان لدعم المرشحين الذين يتوافقون مع سياستها، بخاصة فيما يتعلق بإسرائيل. واعتبر ساندرز ذلك تقويضًا للديمقراطية.
• • •
كان تأثير أيباك فى انتخابات عام 2022 واضحًا، بخاصة جهودها لهزيمة المرشحين الديمقراطيين التقدميين. كانت من بين أكبر 20 مانحًا فى الانتخابات، مع تبرعات مالية ضخمة. تتغنى أيباك على موقعها بأنّها دعمت 365 مرشحًا ديمقراطيًا وجمهوريًا مؤيدًا لإسرائيل فى عام 2022، بأكثر من 17 مليون دولار، كدعم مباشر.
بحسب موقعها، 98 فى المئة من المرشحين المدعومين من أيباك فازوا فى الانتخابات العامة، بينما ساهمت اللجنة فى هزيمة 13 مرشحًا. مثلًا، أُطيح بممثل ميشيجان السابق، آندى ليفين، من مقعده فى مجلس النواب عام 2022، بعدما أنفقت أيباك 4 ملايين دولار ضده. وكان ليفين واحدًا من الديمقراطيين، الذين استهدفتهم اللجنة بسبب انتقاداتهم لإسرائيل.
هناك جدل كبير حول دو أيباك فى الانتخابات الحالية، بخاصة فى ولاية ميشيجان التى تلعب دورًا أساسيًا، خصوصًا مع الحضور الكبير للأصوات العربية والمسلمة فيها. تعكس هذه الولاية الديناميات المعقدة التى تدور ضمن الحزب الديمقراطى والمشهد السياسى الأمريكى الأوسع. مع اقتراب الانتخابات فى نوفمبر 2024، من المرجح أن تلعب أيباك دورًا كبيرًا، وأن تضخّ أموالًا ضخمة كتبرعات لحملات المرشحين الداعمين لإسرائيل، وذلك فى سبيل الضغط على السياسة الأمريكية لمصلحة إسرائيل، واستهداف أعضاء التيار الديمقراطى التقدمى، الذين ينتقدون الإجرام الإسرائيلى المستمر على غزة منذ 5 أشهر.
النص الأصلى: