معهد القلب القومى.. وقائع أيام الكرب
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 10 يوليه 2020 - 8:30 م
بتوقيت القاهرة
صادف أمس الأول الخميس أن سجلت مصر انخفاضا كبيرا فى إصابات عدوى كوفيد ــ ١٩ حيث سجلت وزارة الصحة ٩٦٩ إصابة، وهو ما يعد أقل معدل إصابة منذ ٢٨ مايو حيث وصل عدد الإصابات إلى ١١٢٧ إصابة. تنفست الصعداء وتسلل إلى نفسى شعور بالارتياح غادرنى منذ بدأت تلك الأيام القاتمة منذ بدء الوباء.
أيام بالفعل يؤرخ لها عاشتها البلاد فى ظل كابوس ألقى ظله كثيفا فاختفت الشمس واحتجبت وعم ظلام فى غير موعده ينبئ بخطر داهم.
اجتمعت لدى قصاصات من ورق دونت فيها بعضا من وقائع تلك الأيام التى فاجأتنا من دون استئذان أتمنى يوما لو استطعت تجميعها بين دفتى كتاب يحكى أيام الكورونا فى معهد القلب القومى.
رغم أنه مستشفى متخصص فى أمراض وجراحات القلب فإن الدور الذى اختاره لأطقمه الطبية كان مؤثرا فى سير الأحداث الجسام بصورة اختلفت معها ملامح الأزمة وحالت دون تطورها إلى ما لا تحمد عقباه.
استمر العمل بمعهد القلب القومى لم يتوقف إلا لساعات عند تلقى الصدمة الأولى أو الحالة «صفر» أول حالة يتم تشخيصها بعدوى كوفيد ١٩ فى الاستقبال. توقف العمل من الثانية ظهرا حتى السادسة فجر اليوم التالى لإنهاء أعمال التطهير والتعقيم بالاستقبال وواصل أطباؤه استقبال الحالات فى العيادات الخارجية حتى لا يغلق أبوابه فى وجه مريض.
بدأ التعامل مع العدوى التى بدأت فى الانتشار كالنار فى الهشيم مع تشخيص كل حالة جديدة، كانت الخبرة تنمو والمعرفة تتأصل ومهارات إدارة الأزمة تتلاحق وبتنا نعرف أفضل وسائل الحماية واستعمالاتها، واقى الوجه الشفاف والكمامات ومن يجب أن يستعمل الكمامة الجراحية أو N95 وأنواع القفازات ومختلف ألوان الأردية التى تستخدم لمرة واحدة والمطهرات بأنواعها.
لعبت وسائل التواصل الاجتماعى دورا محوريا فى تبادل المعلومات والخبرات بين الأطباء والتمريض بل والمرضى أيضا فجاءت مجموعات «معا ضد الفيروس» «تكافل معهد القلب» «كوفيد ـ ١٩» «أخبار معهد القلب» «أطباء معهد القب» قنوات اتصال جيدة التوصيل بين الأطباء والتمريض وكل العاملين بالمعهد، شبكة من التواصل العلمى والاجتماعى والإنسانى ربطت الجميع بصورة لم يسبق لها مثيل بين أفراد العائلة الواحدة.
اختارت إدارة المعهد الاهتمام بصعيد مصر فكان للمعهد الإشراف على وحدات الرعاية المركزة فيه فكنا ننتظر بشغف أخبار نوابنا الأبطال على خط الدفاع الأمامى فى أسوان وإسنا وأبوتيج وملوى تأتينا عبر تلك الشبكة النابضة بالحماسة ومشاعر تحدى الخطر.
هذا إلى جانب مستشفى العجوزة والتى خصصت للعزل.
اختلفت المواقع وتعددت الأدوار لم يتخلف أحد ولم يتراجع فرد بل كان الجميع على قلب رجل واحد.
ظل المعهد يستقبل الحالات، يعالج حالات القلب العاجلة حتى المصاب منها بالعدوى ويحيل الحالات المصابة إلى مستشفيات الحميات والعزل، لم يتوقف يوما عن أداء رسالته رغم تعدد إصابات الأطقم الطبية إلا أن العزل للمصابين لم يمنع من عودتهم بعد التعافى للعمل مرة أخرى مسلحين بخبرة زادت ومعرفة تأكدت لمقاومة العدوى وعلاجها متى ثبت حدوثها.
لم يتوان المجتمع المدنى عن دعم جهود المعهد فكان مد الحماسة يعلو حينما يأتينا من يساند بأدوات الحماية اللازمة للأطقم الطبية بل والمرضى أيضا ولم يقتصر الأمر على المواطنين بل تعداه إلى الأطقم الطبية أيضا فامتدت الأيدى بكل ما يخطر أو لا يخطر على بال.
تظل صورة أخرى وزميلى الذى استشهد رافعا ذكر الأطباء فى بلادى «يسرى كامل» وهو يعرض على بسعادة بالغة محتويات الحقائب التى تزينها شارة معهد القلب والتى يوفرها المعهد لأبطال مقاومة العدوى فى طريقهم لميادين القتال فى مستشفيات العزل المختلفة معه معلقة فى عينى.
أتمنى لو واتتنى قدراتى على تسجيل وقائع تلك الأيام التى عشتها بين زملائى فى معهد القلب القومى.. والتى حملتنا بما لم نكن نطيق من وجع لفقدان إخوتنا ومعاناة المرضى من أشقائنا وإن كنا قد احتملنا بصبر وشجاعة وإرادة تبعات رسالة نؤديها بحب ومسئولية.
أطباء وممرضات وفنيى وعمال معهد القلب القومى.. أنتم بالفعل فى القلب.