ارحل .. كلمة العام
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الأربعاء 10 أغسطس 2011 - 9:51 ص
بتوقيت القاهرة
●● فى يونيو الماضى نظم فى بلدة لاشاريتيه سور لوار الفرنسية بمقاطعة النييفر المهرجان الأدبى السنوى الذى يعرف باسم «مهرجان الكلمات» لاختيار كلمة عام 2011 التى جذبت العالم وشعوبه.. وفازت كلمة «ارحل».. وقد اختيرت كلمة العام.
وجاء فى تقرير لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية نشر منذ شهرين، أن هذه الكلمة البليغة هزت كراسى الحكام العرب، وقام باختيارها مجموعة من الصحفيين وأصدقاء القواميس، وأساتذة اللغة والكتاب.. وتضمن التقرير عرضا لبعض الكلمات التى اختيرت فى سنوات ماضية، ومنها كلمة «ديون» عام 2010 بسبب الأزمات المالية العالمية وترديدها كثيرا..
وكلمة «المظلة الذهبية» عام 2009 وتعنى منح شخص منصبا بالوساطة فى وظيفة رفيعة لا يملك مؤهلاتها.. وهو ما يعرف فى بلاد العرب بكلمة «كوسة» وهى أحد أقدم وأعرق الكلمات العربية، وربما يمكن اختيارها كلمة كل الأعوام فى 30 عاما مضت، مع كلمة أخرى ثقيلة الظل، احتلت موقع كلمة شكرا وهى «ماشى» والتى أصبحت دستورا، يقصد بها أنه لا يوجد ما يستحق الشكر، فما يقدم للغير هو حق كان مغتصبا، أو يقصد بها لا فرق بين الصواب أو الخطأ، ولا فرق بين الجريمة والعقاب، لأنه لا أحد كان يحاسب أو يعاقب..
●● فكرت فى كلمة تدور وتطير حولى وكانت تستخدم بكثرة، ولم تكن كلمة صادقة، وتدفعنى للضحك، أو التأمل.. ومنها على سبيل المثال شفافية، وخصخصة، وسيد قراره، وأحزاب، ومعارضة، والمحظورة.. وقد وجدت أن القاموس المصرى كانت تفيض صفحاته بكلمات لا علاقة لها بالواقع اطلاقا..
●● أسوأ نتائج ثورة يناير هو غياب الأمن، وانهيار جهاز الشرطة لأسباب كثيرة ومعروفة ولن نكرر طرحها.. ومن دون الشرطة وقبضتها فى مواجهة البلطجة سيبقى الإحساس بالأمن مفقودا. تذكرت هذا وأنا أشاهد أحداث الشغب فى بريطانيا التى تعد من أعرق الديمقراطيات، وقد امتدت إلى عدة مناطق، كما أن كرامة المواطن فيها محفوظة بقدر ما لرجل الشرطة من قدسية وهيبة.. ولا وجه للمقارنة بين المصرى والبريطانى فى السلوك هنا.. فما جرى ويجرى من جانب شباب إنجلترا يتسم بالوحشية والعنف، وبرد فعل مبالغ فيه جدا إزاء مقتل أحد المتظاهرين.. لكن ماذا تفعل قوات الشرطة البريطانية فى مواجهة الانفلات وأعمال السلب والنهب والحرق.. هل تدير ظهرها أم تواجه العنف بعنف لحماية المال الخاص والعام والأبرياء من أبناء الشعب؟
●● أرد دائما على ذلك بأن التظاهر السلمى فى مصر لم يكن يستوجب القتل المتعمد لشباب خرج يطالب بالحرية والعيش والديمقراطية وإيقاف سيول التزوير والتلفيق، وسلب إراداته السياسية، واستباحة كرامة المواطن، والمطالبة بحياة تحكمها العدالة الاجتماعية.. لكن عندما يمسك مواطن ببندقية آلية ويوجهها إلى صدر مواطن آخر، أو يحاول إحراق سيارة خاصة وممتلكات عامة، ويقطع الطريق على الأبرياء، فإن الشرطة مطالبة بالتدخل لحماية الناس، وهذا إن وجدت..
●● برجاء عدم الخلط أبدا بين سوء مواجهة التظاهرات السلمية، وبين مواجهة اللصوص وقطاع الطرق والبلطجية وعدم احترام الدولة وإسقاط هيبتها.. هذا خلط يسير بنا وبالبلد إلى دائرة جهنمية من الشغب والعنف..