تقبل الله منا ومنكم

غادة عبد العال
غادة عبد العال

آخر تحديث: الخميس 10 سبتمبر 2009 - 9:48 ص بتوقيت القاهرة

 صلاة التراويح فى المسجد المجاور لبيتى تتعدى التجربة الروحية لتصبح تجربة اجتماعية وتعليمية كاملة.. أدخل جريا لألحق صلاة العشاء من أولها وأقف فى أول صف يقابلنى.. الله أكبر.. نبدأ الركعة الأولى.. تدخل فتاتان فى منتصف الركعة تقريبا وتختاران الصف اللى أنا واقفة فيه ويقفوا.. يصلوا؟..

لأ لسه.. ريهام هو احنا هنقف فى الصف ده؟.. مش أحسن مانقف قدام جنب البت سالى، أنا مابحبهاش من يوم ما اتريقت على عبايتى السنة اللى فاتت.. مش انتى جبت واحدة جديدة وقلتى مستوردة وبـ800 جنيه دا انتى تروحى تقفى جنبها وتفرسيها بالعباية البيئة اللى هى لابساها دى.. الله أكبر.. تبدأ الركعة التانية وأنا أتابع ريهام وصاحبتها وهما «رايحين يقفوا جنب سالى وعبايتها البيئة أولا عشان أشوف هى ليه بيئة لحسن أكون لابسه زيها والأهم كنت عايزة أشوف العباية أم 800 جنيه دى شكلها إيه إن شاء الله؟»، لا أنتبه غير والإمام يقرأ التشهد فأسلم وأجلس حزينة على الـ4 ركعات اللى عدوا بدون تركيز وأتخذ قرارا بينى وبين نفسى.. لما أروح البيت هاعيدهم..

أنتقل لصف آخر بعيدا عن ريهام وصاحباتها وأصمم على أن أركز فى الركعات القادمة.. الله أكبر.. 5 ستات واقفين فى الصف 2 منهم بيكملوا أحاديثهم.. الله أكبر.. بس يا ست مروة تجيبى بأه اللون من عند العطار وتحطيه ع الحنة وتسيبيها ع الضافر كتير يا إما هتعمل لون برتقانى كده مش حلو شوفى ضافر رجلى الصغير لونه وحش إزاى لكن الكبير بأه طالع يجنن.. السلام عليكم ورحمة الله.. السلام عليكم ورحمة الله.. وأكتشف أنى قضيت آخر ركعة بابص على لون حنة ضافر رجل صاحبة مروة وضاعوا الركعتين.. أستغفر الله العظيم.. الناس دى ماينفعش يسكتوا؟

عليه العوض فى الركعتين.. لما أروح البيت هاعيدهم.. أنتقل لصف تانى شكله ابن حلال فيه ستات كبار مش بتوع حنة ولا عبايات بـ800 جنيه، الله أكبر تبدأ الصلاة فى خشوع ماحصلش ثم فجأة.. طاااخ.. رفعت رأسى على أثر الخبطة وإذا بـ3 أطفال اتخذوا من مخزن الأحذية ذخيرتهم المختارة وبدأت الحرب.. اتحدفنا بكل أنواع الأحذية.. بدءا من الشباشب الخفيفة حتى أحذية الكعب العالى والكوتشى.. تخرج معظم زميلات الصف من الصلاة.. إنتى يا ستى انتى ماتحوشى عيالك.. أعملهم إيه يعنى عيال وبيلعبوا.. مش عارفة تحكميهم يبأه ماتجيبيهمش يا إما ماتجيش وتقعدى بيهم فى بيتكم.. إنتى هتمشينى وتقعدينى على مزاجك؟.. ده بيت ربنا ماحدش له عندى حاجة.. أبتعد عن المعركة وأنتقل للصف الأول وأنا مصممة على التركيز فى آخر ركعتين.. هاركز يعنى هاركز مهما حصل حواليا..

فى الصف الخلفى كان الحوار دائرا بين صبيتين فى دور المراهقة.. لا يا ماما كريم مين والناس نايمين؟ هو أحمد عز مافيش غيره.. تلتفت زميلتى فى الصف لهما.. كريم مين وأحمد عز مين اللى بتجيبوا سيرتهم فى الجامع ده بدل ما تستغفروا ربنا؟

وزغرت لهم زغرة أخرستهم الاتنين فتفاءلت خيرا بالست الحكيمة.. الله أكبر.. وبدأت الصلاة وبدأ الشد.. الأخت من المؤمنات بأن قدمها لازم تلزق فى قدمى عشان الشيطان مايعديش بيننا.. لكن هى واقفه عادى خالص وبتحاول تحولنى أنا لحاجة كده شكل أنثى الزرافة وهى بتشرب من البحيرة فى برنامج عالم الحيوان.. رجلى وجعتنى الصراحة فشديت نفسى وتجاهلت محاولات شدها حتى انتهت الصلاة اللى يا دوب ركزت فيها ثانيتين تلاتة.. بعد الصلاة انطلقت الزميلة كمدفع رمضان.. إنتى بوظتى الصلاة بتاعة الصف كله.. زمان الشياطين كانت بتمرح بيننا.. هتروحى فين من ربنا؟..

وعبثا حاولت أفهمها إنى سألت فى الموضوع ده فى السعودية فى عمرتى الأخيرة وقالوا المحاذاة بالكتف مش بالقدم فاللى استخلصته من الموضوع كله تلخص فى جملة.. ماشى يا ستى عرفنا إنك غنية وجايه م السعودية.. انسحبت فى هدوء إلى بيتنا وطبعا مفهوم إنى عدت كل اللى صليته.. الخلاصة إننا إتعودنا جميعا على تحويل معظم مناسباتنا الدينية إلى ما يشبه الكرنفال أو الاحتفال أو خروجة الأصحاب والشلل مما يبعدنا فى أحيان كثيرة عن هدفها ويفقدها معناها.. ماليش إنى أفتى فى حاجة زى ضرورة ذهاب النساء للمسجد.. لكن عن نفسى سألتزم بيتى واللى بيحبوا يصلوا فى المسجد يصلوا فى المسجد ومعهم دعواتى.. وتقبل الله منا ومنكم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved