ماذا فعلت منظمة التعاون الإسلامى للمسلمين؟

سيد قاسم المصري
سيد قاسم المصري

آخر تحديث: الثلاثاء 11 سبتمبر 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

كثيرا ما نسمع مثل هذا التساؤل الذى يحمل فى طياته من الاستنكار أكثر من الرغبة فى المعرفة وقد طرح هذا التساؤل بشدة مؤخرا بمناسبة المحنة المروعة التى يتعرض لها المسلمون الروهينجيا فى ميانمار .قرأت تحقيقا صحفيا للدكتورة هالة زكى الصحفية بجريدة الأهرام فى ملحق الجمعة 24 أغسطس قالت فيه «أما العالم الإسلامى وعلى رأس منظماته منظمة التعاون الإسلامى «فقد اقتصر دوره على الشجب والإدانة وعقد مؤتمرات لم ترق حتى إلى حد إصدار توصيات جادة ومفيدة تسهم فى حل المشكلة أو تحول على الأقل دون تفاقمها» وهو كلام يجافى الحقيقة تماما، فالمنظمة هى الجهة الوحيدة فى العالم التى تحركت وتحركت بقوة فى اتجاهات عديدة سواء من خلال رسائل أمينها العام د.إحسان أوغلو إلى رئيس جمهورية ميانمار وإلى أمين عام الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وإلى منظمة الآسيان والإتحاد الأوروبى..

 

إلخ ثم دعوته للجنة التنفيذية للمنظمة لعقد اجتماع استثنائى صدرت عنه توصيات قوية تدعو إلى إعادة الجنسية التى أسقطت عنهم واستعادة حقوق المواطنة كاملة وعودة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم كما تدعو إلى إرسال لجنة تحقيق دولية و إلى قيام بعثة تقصى حقائق من المنظمة لزيارة المنطقة والاطلاع على حقائق الموقف وتم تشكيل لجنة متابعة للموضوع .. كما دعت الدول الإسلامية إلى إجراء تحقيق عاجل فى الجرائم التى ارتكبت وتقديم المسئولين عنها للعدالة.. الخ.

 

كما قامت المنظمة بجهود إغاثية كبيرة وأوفدت لجنة إغاثة لمعسكرات اللاجئين، وقد كان من نتائج هذه التوصيات أن سارع رئيس جمهورية ميانمار بتوجيه دعوة للامين العام للمنظمة لزيارة ميانمار والتباحث حول الموضوع، وقد أقرت القمة الإسلامية التى عقدت بمكة المكرمة فى 27 رمضان الماضى جميع هذه التوصيات.

 

أما موضوع إحالة الأمر إلى مجلس الأمن تمهيدا لإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية فقد تم بحثه وكان مشروع القرار المقدم من الأمانة العامة يتضمن مثل هذه التوصيات إلا أن أكثر الدول الأعضاء رأت انه طالما أننا نطالب ميانمار باتخاذ إجراءات معينة وطالما أن رئيس جمهوريتها فتح بابا للحوار ووجه الدعوة للامين العام لزيارتها فيجب أن نستنفذ هذه الوسيلة أولا وفى حالة فشل المباحثات فيمكن اللجوء إلى البدائل الأخرى وان كان من المستبعد قيام مجلس الأمن بإحالة الموضوع للجنائية الدولية، نظرا لعلاقات الصين الوثيقة بميانمار، حيث إن الصين من الدول التى تملك حق الفيتو بالمجلس.. كما تجرى الترتيبات حاليا لعرض الأمر على اجتماع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم 10 سبتمبر الحالى.

 

 وقد تعرضت الصين نفسها لموقف مشابه مع العالم الإسلامى عام 2010 عندما اندلعت الاضطرابات فى إقليم سينكيانج ذى الأغلبية الإسلامية وان كنت أبادر بالقول بأن الصين على الأقل تعترف بالمسلمين فى هذا الإقليم كأقلية عرقية ضمن الـ58 عرقية التى تتشكل منها الأمة الصينية.

 

وقد بادرت المنظمة فى حينه بتحرك سريع وفعال جعل الصين تقبل زيارة بعثة تقصى حقائق وتوجه الدعوة للأمين العام لزيارتها وزيارة المنطقة والاطلاع على أحوال المسلمين هناك على ارض الواقع.. وقد يرى البعض فى ذلك أمرا عاديا الا انه ليس كذلك.. فالصين شديدة الحساسية لما تعتبره تدخلا فى شئونها الداخلية وهى لم تستجب قبل ذلك لأى بعثة من هذا القبيل.. وأذكر أننا قبل أن نتوجه إلى الصين تلقيت مكالمة من السيدة ماك دوجل مقررة الأمم المتحدة لشئون الحريات الدينية قالت فيها إنها تسعى جاهدة منذ سنوات للقيام مثل هذه الزيارة للصين دون جدوى.. وتم خلال الزيارة إصدار بيان مشترك عرضت فيه الصين خططها الاقتصادية والاجتماعية للنهوض بأحوال السكان المسلمين ورفع مستوى المعيشة بالإقليم المسلم لكى يصل إلى المستوى القومى بحلول عام 2015 وقامت الصين بتعيين منسق دائم للاتصال مع منظمة التعاون الإسلامى ومتابعة أوجه التعاون المشترك.. وإننى اذكر ذلك فى إطار دفع الظلم الإعلامى الذى تتعرض له منظمة التعاون الإسلامى إلا أننى أيضا أذكر للصين استجابتها السريعة التى تنبعث من حرصها على العلاقات التاريخية المتعددة الجوانب مع العالم الإسلامى.

 

 وفى إطار الأقليات الإسلامية أيضا تدير المنظمة حاليا مفاوضات ثلاثية الأطراف بغرض تنفيذ اتفاق السلام بين حكومة الفيليبين والمسلمين فى الجنوب والجدير بالذكر أن صحافة الفيليبين لا تشير إلى المنظمة إلا مصحوبة  بعبارة «ذات النفوذ».

 

وفى تايلاند.. وعلى اثر زيارة للأمين العام تم التوقيع على بيان مشترك يعترف بالأخطاء التى ارتكبت فى حق المسلمين فى الماضى القريب ويتعهد بالعمل على معالجة المشاكل من جذورها.

 

تلك كانت لمحة من أنشطة المنظمة فى المجال الذى أتابعه وهو مجال الأقليات الإسلامية.. إلا أن المنظمة فى ــ عهدها الجديد ــ بعد تغير الميثاق والوثائق الأساسية الأخرى نشطت فى مجالات عديدة واقتحمت ميادين لم يعرفها العمل الجماعى الإسلامى من قبل مثل حقوق الإنسان ومثل الإغاثة الإنسانية.. وقد نشرت إحدى الصحف الألمانية الكبرى تحقيقا عن المنظمة اختتمته بقولها «وهكذا نجد أنه بعد عقود من الأداء الباهت أصبحت منظمة التعاون الإسلامى لاعبا على الساحة الدولية».

 

ولكن يبدو أن العود فى أرضه نوع من الحطب.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved