رئيس من المريخ
محمد عصمت
آخر تحديث:
الثلاثاء 11 سبتمبر 2012 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
فى فيديو على موقع الفيسبوك، شاهدت الشيخ وجدى غنيم يخوض معركة ضارية ضد الفنانين، تخللتها فيما بدا لى وكأنها وصلات ردح لهم، وهو يصفهم بالفسقة والفجرة، الذين ينبغى الفتك بهم والقضاء عليهم قضاء مبرما وتقطيعهم إربا إربا، دون أن ينسى شيخنا أن يقدم لنا وصلة تقليد ساخرة لبعض هؤلاء الفنانين وعلى رأسهم أم كلثوم، وهو يسخر منها مقلدا أداءها وهى تغنى أغنية تسأل فيها فى أحد أفلامها «القبلة حلال ولا حرام»..!
وقد يكون للشيخ وجدى الحرية الكاملة فى رفض ما يقدمه هؤلاء الفنانون، ويحق له إصدار فتوى بتكفيرهم، ويجوز له أيضا أن ينصحنا بالابتعاد عما يقدمونه من فن هابط ورخيص، لكن الرجل الذى استخدم تعبيرات خارجة عن اللياقة فى هجومه على الفنانين، ووصف المشاهد الجنسية إلى يقدمونها على الشاشة وكأنه كان يحضر معهم جلسات تصوير هذه المشاهد، لم يستثن الأدباء وعلى رأسهم نجيب محفوظ من هجومه النارى على الفنانين، فى نفس الوقت الذى عاب على الرئيس محمد مرسى أنه أضاع من وقته ساعتين للحديث معهم، داعيا إياه أن يقدم اعتذارا فوريا عن هذا اللقاء، وأنه كان من المفروض أن يدعوهم إلى التوبة.
الشيخ وجدى الذى وصف الرئيس مرسى بأنه «رئيس من المريخ»، لأنه اجتمع بفنانين وأدباء وشعراء دون أن يعرف أنهم فسقة فجرة يؤكد لنا أن الديمقراطية هى الكفر بعينه، وأن القول بحرية التعبير يعادى الإسلام والشريعة الغراء، وأنه لا يعترف بأى علوم اجتماعية ولا سياسية ولا فلسفية، وأنه لا يعترف إلا بالقرآن والسنة وحدهما، دون أن يبدى أى اعتراض على الاستفادة من العلوم الطبيعية التى قدمها لنا الغرب الديمقراطى الكافر، ودون أن يعى شيخنا أن كل المنجزات العلمية والتكنولوجية، بما فيها أجهزة الكمبيوتر والشبكة العنكبوتية التى يستخدمها الشيخ لنشر أفكاره، هى ابن شرعى لهذه الحضارة الأوروبية بديمقراطيتها الكافرة، وأن كل المنجزات العلمية لهذه الحضارة أشعلها فلاسفة ومفكرى عصر الحرية والتنوير فى أوروبا، ودون أن يعرف شيخنا أن أرقى الجامعات الغربية تدرس لطلابها فى مجالات العلوم والطب والهندسة وغيرها، أفكار الفلاسفة الذين كانت فلسفتهم السبب فى تطور هذه العلوم الطبيعية!
المأساة الحقيقية، أن هذا الشيخ وأمثاله يعيشون فى عالمهم الضيق، ويريدون أن يحشروننا معهم فيه، وهم يستغلون أكثر الوسائل ابتذالا لتحقيق أهدافهم الشيطانية، حيث يلتقطون المشاهد الإباحية المرفوضة من هذا الفيلم أو ذاك، لإقناعنا بأن الإسلام فى خطر.. وأنهم الوحيدون الذين يحمونه، رغم أنهم اكبر إساءة للإسلام وللمسلمين، بل وللبشرية كلها.. والله اعلم!