الفلاح فى الجامعة الأمريكية
طلعت إسماعيل
آخر تحديث:
الإثنين 10 سبتمبر 2018 - 9:55 م
بتوقيت القاهرة
جسد قانون الإصلاح الزراعى الذى اصدرته ثورة 23 يوليو عام 1952، بعد أقل من شهرين على اندلاعها حلم الفلاح المصرى بامتلاك أرضه التى كد اجداده لزراعتها، فتحول التاسع من سبتمبر عيدا حقيقيا يحتفل به زراع مصر وحراس غذائها سنويا، تذكيرا بأيام سعيدة، وبنهاية حقبة بغيضة عانى فيها السواد الأعظم من المصريين جور الحكام، وظلم الإقطاع.
9 سبتمبر هذا العام يأتى فى اعقاب صدور القانون رقم 34 لعام 2018 فى 19 مايو الماضى، الخاص بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة، والذى أعطى لوزير الزراعة وبالتنسيق مع وزير الموارد المائية والرى الحق فى حظر زراعة محاصيل معينة فى مناطق محددة، كما نص فى مادته رقم (101)، على معاقبة من يخالف أحكامه بالحبس والغرامة.
وبمناسبة الاحتفال بعيد الفلاح، وفى «نقاش مفتوح حول تعديلات قانون الزراعة الأخير»، شهدت إحدى قاعات مبنى «الهيل هاوس» بالجامعة الأمريكية بمقرها القديم فى ميدان التحرير، حوارا لم يخلُ من بث اصحاب الجلابيب الزرقاء شكواهم من القانون الجديد لمنصة اعتلاها الدكتور حامد عبدالدايم المتحدث باسم وزارة الزراعة وعضوا لجنة الزراعة بمجلس النواب النائبان عبدالحميد الدمرداش وهشام الحصرى، ونقيب الفلاحين حسين عبدالرحمن، والدكتور صقر النور الباحث المشارك بمركز بحوث التنمية.
النقاش الذى أداره محمد مدحت الباحث بوحدة ابحاث القانون والمجتمع بالجامعة الأمريكية، صاحبة الدعوة، كانت قضية شح المياه، ودخول مصر تحت خط الفقر المائى، وضرورة إحداث نقلة فى طريقة الرى فى الريف المصرى حاضرة فيه بقوة.
وككل النقاشات التى تتناول قضايا قطاع كبير من الناس، يعدون بالملايين، علت اصوات الحضور تأييدا واختلافا، غير أن الجميع، القاعة والمنصة، اتفقوا فى ضرورة السعى الحثيث والعمل الجاد لترشيد استخدام المياه سواء فى الزراعة، أو الشرب، فى ضوء ثبات حصة مصر من مياه النيل عند 55.5 مليار قدم مكعب سنويا، فيما حاجتنا الفعلية تصل إلى ضعف هذه الكمية حاليا.
المشاركون فى النقاش طرحوا العديد من الاقتراحات فى مواجهة شح المياه مع عدم حرمان الفلاح من اختياره لزراعة المحصول الذى يفضله، وبدا واضحا فى نبرة الفلاحين الذين جاءوا من عدة محافظات إلى القاهرة مدى عدم رضاهم عن قرار تحديد مساحة زراعة الأرز بـ 800 ألف فدان، والنص على عقوبة الحبس فى قانون الزراعة الأخير للمخالفين، وتساءل البعض: أين ذهبت كمية المياه التى جرى توفيرها بمنع زراعة الأرز؟
وإذا كان نقيب الفلاحين حسين عبدالرحمن اختار بدء حديثه بإلقاء عدد من الأبيات للشاعر الكبير بيرم التونسى التى تحدث فيها عن ظلم الفلاح، فإن سخونة النقاش بلغت ذروتها، عندما تحدث الدكتور صقر النور عن توزيع المياه بين الفلاح التقليدى والمستثمرين الزراعيين، أو ما سماه «من مياه الفلاحين إلى مياه المستثمرين»، مشيرا إلى أن الأراضى الجديدة يملك الخريجون وصغار الفلاحين 25 % منها، بينما الحصة الأكبر تذهب للمستثمرين الكبار الذين يزرعون محاصيل للتصدير تستهلك كمية كبيرة من المياه مثل البرتقال والموز والعنب.
الدكتور حامد عبدالدايم المتحدث باسم وزارة الزراعة قال ردا على الدكتور صقر إن «الفلاحين ليس لديهم مشكلة، وأرجو ألا نتسبب فى إثارة المشكلات»، وأضاف «أعترض على مقولة المياه من الفلاحين إلى المستثمرين، وهناك قرار بمنع زراعة الموز إلا بالتنقيط، كما أن الكلام عن العنب والبرتقال يعنى أنه لن يكون لدينا تصدير»، مؤكدا أن الحديث يجب أن يدور حول ما يمكن توفيره من المياه مع الحفاظ على زراعات يجب ألا نفقدها مثل الموالح والخضروات.
انتهت ندوة «الفلاح والمياه وجها لوجه»، التى كنت وسط حضورها، غير أن مناقشة هموم الفلاح المصرى، والتحديات التى تواجه الزراعة فى الأرض القديمة، وتلك الجديدة، على السواء، لن تنتهى.