قنبلة فى محكمة تيران وصنافير
محمد عصمت
آخر تحديث:
الإثنين 10 أكتوبر 2016 - 10:00 م
بتوقيت القاهرة
فى رده على طعن الحكومة على حكم الإدارية بوقف اتفاقية التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير، فجر المحامى خالد على فى مرافعته ما يشبه القنبلة، وهو يحذر من صدور أوامر سرية بتدمير عشرات الوثائق التى تثبت مصرية الجزيرتين، مدللا على ذلك بأنه حصل على نسخة مكبرة من خريطة هيئة المساحة الصادرة عام 1943 من جامعة برلين، ولم يجد النسخة الأصلية فى هيئة المساحة نفسها!
ما قاله خالد على يجب ألا يمر مرور الكرام، فحتى الآن نحن فى دولة ــ أو حتى شبه دولة كما قال الرئيس السيسى من عدة أسابيع ــ ولكننا على أى حال لم نصل بعد إلى حكم المافيا، فضياع خريطة بمثل هذه الأهمية ــ إن صح ما قاله خالد على ــ هو اعتداء صارخ على تاريخ هذا البلد العريق، يفرض على الحكومة أن تتحرك فورا، ولا أدرى لماذا تأخرت إلى هذا الحد فى التحقيق مع قيادات هيئة المساحة، لنعرف كيف ضاعت هذه الخريطة؟ أو أين اختفت إذا لم تكن قد تعرضت للتدمير؟ ومن هو صاحب قرار تدميرها أو إخفائها؟.
هذه الخريطة ليست وحدها التى تؤكد مصرية الجزيرتين، واختفاؤها أو تدميرها لن يغير كثيرا من قوة موقف المدافعين عن مصرية الجزيرتين، فهناك نسخة من الخريطة فى جامعة برلين، كما أن هناك أيضا خرائط تعود لأعوام 1906 و1914 و1937 و1951 تؤكد كلها مصريتهما، استند إليها خالد على فى مرافعته أمام المحكمة التى سرد أمامها وقائع تاريخية حول سيطرة مصر على الجزيرتين منذ عام ١٨٠٠ مرورا باتفاقية لندن 1840 حتى عام 1904، كما استعان بكتاب لمستشرق فنلندى قال فيه إنه رأى خلال رحلتين قام بهما للجزيرتين عام 1948 قبائل مصرية تسكنهما، كما استعان أيضا بكتاب ناعوم شقير، رئيس قلم المخابرات بالجيش المصرى، وفيه خريطة مصر عام 1914 تضم تيران وصنافير، وبأطلس عام 1922 طبعته الحكومة المصرية، وبكتاب صادر عن وزارة المالية عام 1945 فيه خريطة للقطر المصرى تعود لعام 1937، بالإضافة إلى خريطة جديدة صادرة من مصلحة المساحة عام 1950 وبأطلس جامعة كامبريدج، وكلها تؤكد أن تيران وصنافير مصرية.
كل هذه الخرائط والوثائق كان من المفترض أن تقوم الحكومة بالبحث عنها، بل انه كان المفروض أن ترجع إليها قبل أن تعلن تسليم الجزيرتين للسعودية، ومع ذلك فإن الحكومة تجاهلتها تماما، إلى أن صدر حكم محكمة الأمور المستعجلة بوقف حكم المحكمة الإدارية بوقف تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، فى تعارض مع المادة 190 من الدستور، التى تؤكد أن مجلس الدولة فقط هو المختص بنظر الدعوى وهو ما أشار إليه خالد على فى مرافعته التى شدد فيها أيضا على انه قبل تحديد مفهوم السيادة فى هذه القضية لابد من البدء بتحديد وضع الأرض والمركز القانونى لها، فإذا كانت أرضا مصرية لا يجوز التحجج بأعمال السيادة لغل يد المحكمة عن نظر القضية.
موقف الحكومة من مصرية الجزيرتين يثير العديد من التساؤلات الشائكة، لم وربما لن توجد دولة فى العالم تتراجع عن ملكية أراض أو جزر لدولة أخرى، حتى لو كانت هذه الملكية محل شك أو محل نزاع، بهذه السهولة والبساطة، إلا لو كانت لديها دوافع خفية لتسلك هذا المسلك الغريب.
كان أمام حكومتنا طريق آخر ووحيد لمعالجة قضية الجزيرتين، هو أن تستعين بنفس الوثائق التى استند إليها خالد على فى مواجهة أى مطالب سعودية بأحقيتها فى الجزيرتين، وقبل ذلك أن تكشف لنا مصير خريطة عام 1943 المفقودة، فتاريخ البلد ووثائقه خط أحمر، لا ينبغى أن تكون عرضة للمزايدات أو الصفقات أو المكايدات السياسية، أو حتى للإهمال.