الكبد.. مقر السعادة فى الحضارة الآشورية

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الخميس 10 أكتوبر 2024 - 8:05 م بتوقيت القاهرة


فكر فى أمر حدث مؤخرًا جعلك سعيدًا، مثل الحصول على درجة عالية فى الاختبار، أو الحصول على ترقية، وكيفية انعكاس هذه المشاعر على جسدك، هل خفق قلبك من الفرح؟ هل شعرت بالنشاط طوال بقية اليوم؟
يقول عالم الأعصاب الإدراكى، جوها لاهناكوسكى، وعالمة الآشوريات فى جامعة هلسنكى، إيلى بينيت، إن التجارب العاطفية تتزامن - فى كثير من الأحيان - مع بعض الأحاسيس الجسدية مثل آلام المعدة، أو سرعة خفقان القلب.. إلخ، ولكن هل توقفت يومًا لتتساءل عما إذا كانت الطريقة التى تشعر بها بانعكاس تأثير هذه العواطف على جسدك هى نفسها التى يشعر بها شخص آخر نشأ فى ثقافة مختلفة، أو خلال فترة تاريخية مختلفة؟
من المحتمل أن يكون للثقافة واللغة تأثير على الأحاسيس الجسدية. يوضح الكاتب جوها لاهناكوسكى والكاتبة إيلى بينيت اختلاف أقوال الناس حول أماكن الاستجابات الجسدية الناتجة عن العواطف فى الحضارة الآشورية عن العصر الحديث.
إن دراسة المشاعر فى النصوص الأكدية (اللغة الأم لإمبراطوريات بلاد ما بين النهرين) هو مجال جديد ناشئ. لذا تطلب الأمر الكثير من العمل اليدوى من جانب العلماء لقراءة وترجمة مئات النصوص الأكدية. وكشفت هذه الدراسات المبكرة عن الارتباط بين الجسد والتجارب العاطفية، بما فى ذلك كيف ينظر الأكديون إلى الأعضاء الداخلية باعتبارها حاويات للعواطف. على سبيل المثال، نجد مصطلحى libbu (يعنى «داخل الجسم»، ويمكن أن يشير أيضًا إلى البطن أو القلب أو الرحم) وkabattu (يعنى «الكبد») يستخدما بشكل متكرر فى وصف المشاعر. على سبيل المثال، يُشار إلى الحزن أحيانًا باسم «مرض القلب» (muruṣ libbi).
ويوضح الكاتب والكاتبة أن هذا العمل أظهر - بشكل أولى - أن مواقع المشاعر المجسدة فى النصوص الأكدية تشبه إلى حد كبير الطريقة التى يصف بها كثير من الناس مشاعرهم اليوم.
يشير العمل البحثى للكاتب والكاتبة على التزامن بين ما يقرب من 300 كلمة أكدية للعواطف وأكثر من 60 كلمة أكدية لأجزاء الجسم. وأظهر البحث أهمية الكبد كمقر للسعادة فى الحضارة الآشورية بالاستناد على العديد من الكلمات التى تصف السعادة. على سبيل المثال، إضافة كلمة «كاباتو» («كبد») إلى مصطلح «نيبيردو» («أن تكون مشرقًا») يعنى «أن تكون سعيدًا».
إن هذا التركيز الساطع على الكبد كمقر للسعادة يختلف تماما عن الطريقة التى يصف بها الناس تجربتهم الجسدية للسعادة اليوم. فعند التفكير فى الشعور الجسدى بالسعادة، يشير الناس إلى القلب والمعدة والصدر والوجه. ومن الواضح أن الطريقة التى تنعكس بها المشاعر على الجسد قد تغيرت منذ النصوص الأكدية الآشورية.
معلومة أخرى، لم يكن الكبد والقلب، فى العصر الآشورى الحديث، مرتبطين فقط بالسعادة، بل كانا يُذكَران أيضا بشكل متكرر إلى جانب مجموعة أخرى من المشاعر، مثل الحب والغضب. وهذا يتفق مع اعتبار الكبد مقر الروح فى العديد من الثقافات القديمة بسبب مظهره المذهل فى الجسم، إذ استُخدِم فى سياقات عاطفية مختلفة؛ لكن فى العصر الحديث فقد الكبد دلالاته العاطفية.
خلاصة القول يرى الكاتب والكاتبة أن تجربة المشاعر السعيدة ربما لا تكون عالمية كما يفترض البعض. فإذا كنت تعيش فى الشرق الأدنى القديم، ستشعر أن كبدك يشتعل بالبهجة بدلاً من أن يمتلئ قلبك بالفرح.


جوها لاهناكوسكى
إيلى بينيت


موقع "Psyche"
ترجمة وتلخيص: وفاء هانى عمر
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved