التدخل الخارجى والمجلس الوطنى السورى
سلام الكواكبي
آخر تحديث:
السبت 10 نوفمبر 2012 - 8:25 ص
بتوقيت القاهرة
ثارت الألسن والأقلام إثر التصريح غير المسئول لوزيرة الخارجية الأمريكية التى ستتقاعد قريبا، هيلارى كلينتون، حول «النعى» المستعجل للمجلس الوطنى السورى ومحاولة إبراز دور أمريكى ما، ومزعوم، فى اقتراح أسماء وتجمعات جديدة للمشاركة فى هيئة جديدة تضع تصورات جديدة للخروج من أزمة الاستعصاء السياسى المحلى والدولى فى سوريا.
●●●
وبعد الخروج من الصدمة الناجمة عن هذه العنتريات التى تعيد الأذهان إلى رعاة البقر فى أفلام الويسترن، يبدو أن التصريح قد أدى دوره فى قلب الطاولة على أصحاب المبادرة الوطنية الجديدة لتوحيد المعارضة السورية. وذلك على الأقل فى ساحة ردود الفعل الموتورة من قبل ثقافة فيسبوكية متطورة تحكم بالإعدام أو بالرأفة أو بالسجن أو بالنجاح على المبادرات والأشخاص والأفكار. وأضحت الشبكات الاجتماعية وعاء لتفريغ عقد نفسية متراكمة كانت بحاجة شديدة لمثل هذه الحجة الذهبية لكى تسرح وتمرح فى الهجاء وفى التشكيك والتخوين. وانبرى من كان من أشد مهاجمى المجلس الوطنى رعونة، ومن أكثر العاملين على شل حركته وإعاقة نشاطاته، إعلاميا على الأقل، فى الدفاع عنه وعن منجزاته باعتبار أن مبادرة رياض سيف الجديدة تسعى، ومن ورائها الأمريكان، وربما الطوفان، للقضاء عليه وعلى «منجزاته».
وانضم إلى جوقة المشككين والمخونين والمتأففين السوريين، جمع من «الاشقاء» العرب كان يترصد اللحظة لينقض على الفريسة الضعيفة وينهش فى لحمها الدامى. لم لا والأمر يبدو لنظرته الضيقة بأنه يربط بشكل واضح وصريح بين معارضة سورية شكك فيها طويلا وبين تصريحات رعناء تُثبت بعضا من شكوكه أو تساعده على تحويل أحلام اليقظة التخوينية إلى حقيقة؟
●●●
فبعد أن كان هؤلاء يتبارون فى العزف على الدور القطرى والسعودى والتركى والمريخى فى تساؤلاتهم عما ورائيات الثورة السورية، أضحت لديهم وجبة سريعة وجاهزة ومسرطنة من التبريرات ليضيفوا تساؤلات جديدة عما قصدته كلينتون خانم, بعيدا عن وليمة اللؤم السياسى وطعنات المتأبطين شرا، يبدو بأن من قرأ تصريحات كلينتون بمعانيها الحقيقية قليلون. فالسيدة «المتمرسة» رمت بكلامها فى اتجاه ناخبٍ أمريكى قبل أيام من الانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من ثانوية الموقف الخارجى والسياسة الدولية فى التأثير على التصويت فى هذا البلد المنغلق على نفسه تاريخيا، يُعتبر «التفرعن» فى القضايا الخارجية نوعا من رمى بطاقة إضافية على طاولة اللعب بحيث تكتمل الأوراق الأساسية والثانوية.
●●●
تبقى المبادرة الوطنية التى تناقش بين السوريين، ويبقى المجلس الوطنى الذى أعاد تشكيل أمانته العامة بانتخابات «حرة» تعكس ما ستواجهه سوريا فى المستقبل القريب، وتبقى كل الاحتمالات مفتوحة بعد كل هذا الانتظار والترقب والتمنى. ستخرج السيدة كلينتون من الإدارة الأمريكية غالبا، وسيأتى من بعدها آخرون لن يتخلوا عن هذه الطريقة التى تبدو وكأنها ساذجة ومباشرة فى تقدير الأمور ولكنها بالتأكيد ليست بالمكر وبالتعقيد الذى يحلو للبعض تصوره.