لو كنت وزيرًا للداخلية

معتز بالله عبد الفتاح
معتز بالله عبد الفتاح

آخر تحديث: الخميس 12 يناير 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

لو كان لى أن أقترح على السيد وزير الداخلية شيئا مما قد يقوله فى عيد الشرطة القادم، فهذه أفكار تستحق التنفيذ قبل أن تكون كلمات سهلة التكرار.

 

«يشكل يوم 25 يناير تاريخا يستحق أن نتأمله كى نتعلم منه الدروس وكى تخرج لنا منه العبر. إنه اليوم الذى قامت فيه الشرطة المصرية بواجبها فى عام 1952 حين أحسنت القيادة السياسية والشرطية الرأى والرؤية وأحسنت اختيار العدو والتعرف على مواضع الضرر بشعبنا العظيم ووطننا الأبى. فى ذلك اليوم من عام 1952 ضحى خمسون شهيدا وثمانون جريحا من أبناء مصر الأبرار من رجال الشرطة بأنفسهم بعد أن رفضوا تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية للاحتلال الإنجليزى الغاشم.

 

فى هذا التاريخ وفى ذلك اليوم وفى تلك الواقعة تلاقت الوطنية المصرية مع الرؤية السياسية السليمة مع الشجاعة المعروفة عن أبنائنا من رجال الشرطة.

 

وفى مثل هذا اليوم من العام الماضى وفى واقعة مغايرة تلتها أيام عصيبة خذلت فيها القيادة السياسية شعبها وجهازها الشرطى ووضعت أنبل أبنائنا من جهاز الشرطة فى موقع الصراع بل والعنف الدامى مع مجموعة من أنبل شبابنا الذين خرجوا مطالبين بحقهم وحق كل مصرى فى حياة كريمة بلا استبداد وبلا فساد.

لقد أخطأت القيادة السياسية ووضعت أجهزة الدولة، وعلى رأسها جهاز الشرطة، فى مواجهة دموية مع أبنائنا الذين هم زادنا وزاد هذا الشعب العظيم لمجتمع أفضل ومستقبل مشرق.

 

ومن أسف، فقد خلقت القوانين الفاسدة مع المناخ الظالم والأجواء الكئيبة التى خلفتها سنوات طوال من عدم احترام حقوق الإنسان وتزييف الإرادة الشعبية والمبالغة فى استخدام قانون الطوارىء بغير حق، ثقافة جعلت الشرطة فى عداء مصطنع مع المواطنين، مع أن الأصل أن الشرطة تخدم الوطن لأنها تخدم المواطن.

 

يا شعب مصر العظيم، أعاهدكم بالنيابة عن إخوانى وزملائى فى جهاز الشرطة المصرى، أننا سنلتزم بكل ما يضمن الكرامة الإنسانية لكل مصرى بغض النظر عن الجنس والدين والأصل والمكانة الاجتماعية والاقتصادية، وبما لا يجوز معه بأى حال تعريض أى شخص للتعذيب أو المعاملة الحاطة بالكرامة. ونعاهدكم أننا لن نتستر على معلومة يمكن أن تساعد العدالة فى القصاص من أى شخص قرر أو اشترك فى الاعتداء على أى مصرى.

نحن نتفهم أن النفوس فيها مرارة، وأن القلوب فيها حزن، وأن العقول فيها قلق مما حدث فى الماضى من تجاوزات. ولكنه تدبير من الخالق سبحانه وتعالى أن يكون عيد ثورتنا المجيدة هو نفس عيد الشرطة لنتذكر أنه بلا ثورة فى جهاز الشرطة، وبلا شرطة تحترم أهداف الثورة فإن الثورة لم تكتمل، وإن الشرطة لم تستوعب ما دبر لها وما حدث من بعض المنتسبين إليها.

 

إن ما حدث فى 25 يناير الماضى كان ضرورة ملحة حتى تكون فرصة لنا جميعا لإعادة بناء جهاز الشرطة، بل وكل أجهزة الدولة المعنية بالأمن، على أسس جديدة غير تلك التى اعتدنا عليها فى ظل الحكم الاستبدادى والذى حول كل قضايا مصر وكل مظالم المصريين إلى ملفات عند أجهزة الأمن. لقد تعاهدنا، زملائى وأنا، من العاملين فى جهاز الشرطة المصرى ألا يكون لنا رب إلا الله، وألا يكون لنا هدف إلا خدمة هذا الشعب العظيم بكل مهنية، وألا يكون لنا دور إلا ما نكلف به فى حدود القانون وبعيدا عن الحزبية أو الصراعات السياسية، وألا نعود لماضينا القريب إلا لنتعلم منه الأخطاء حتى لا نكررها.

 

يا شعب مصر العظيم، عقيدتنا الشرطية هى كرامتكم وحسن خدمتكم، فنحن منكم، وأنتم منا. ولتكن خدمة مصر هى المبتغى والهدف الأسمى لنا جميعا».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved