نحـــو ثــــورة دينيـــــة
سيد قاسم المصري
آخر تحديث:
الأحد 11 يناير 2015 - 8:35 ص
بتوقيت القاهرة
الخطة موجودة ومعتمدة يا سيادة الرئيس.. ولا ينقصها إلا التنفيذ.
الخطة التى أعنيها هى الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامى التى أقرتها القمة الإسلامية فى دورتها السادسة فى داكار فى ديسمبر عام 1991 بالإجماع وإذا كان الكتاب يقرأ من عنوانه فإن عنوان هذه الخطة خير دليل لذلك.. فالعبارة الحاكمة فيها هى: لا شىء مقدس سوى وحى السماء.. حيث تدعو الخطة إلى مراجعة التراث الإسلامى بأكمله مراجعة نقدية بلا وجل ولا محاذير ولا تابوهات ودون إضفاء هالة التقديس على هذا التراث الذى هو من صنع الإنسان فى المقام الأول ــ فلا شىء مقدس سوى وحى السماء.. أى القرآن الكريم فقط .. وتستند الخطة أو الاستراتيجية على ركيزة أن الأمم التى لا تراجع تراثها الثقافى مراجعة نقدية لا يمكنها إحراز أى تقدم..
وتهدف هذه الخطة الثقافية إلى اجتثاث عوامل الانحطاط وتنمية عوامل التقدم من خلال مواجهة معركة المفاهيم والمعايير وتنقية التراث الإسلامى وإعادة كتابة التاريخ الإسلامى.
ودعونا نرَ ما تقوله هذه الوثيقة المهمة ــ التى مر عليها ما يزيد على العقدين من الإهمال ــ دعونا ننظر ما تقوله حول مفهوم التراث الإسلامى.. تقول: إن التراث هو عطاء من صنع الإنسان.. سواء كان هذا التراث تراثا ماديا مثل المبانى الأثرية أو فكريا من إنتاج المبدعين والمفكرين أو اجتماعيا متمثلا فى العادات والتقاليد. وتقول الوثيقة التى أقرها رؤساء جميع الدول الإسلامية: «إن المصدر الأساسى للتراث الإسلامى هو القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة اللذان فجرا عطاءات علمية وفكرية وثقافية، إلا أننا ننزه تراثنا عن حصر مدلوله فى مجرد الصيانة المنظمة للآثار.. كما أننا نرفض إضفاء هالة التقديس على التراث الإسلامى بحجة أن الوحى هو الذى فَجّره ، ذلك لأن هذا التراث ليس بوحى بل هو عمل إنسانى وإن ارتبط بالوحى، لهذا نرى أن دراسته دراسة نقدية هادفة هو أمر مفيد يندرج ضمن العناية به، فالثقافات التى لديها الجرأة على القيام بنقد ذاتى لتاريخها والاستفادة من الدروس المستخلصة من تراثها، يمكنها أن تصوغ تراثها المستقبلى بروح خلاقة لمواكبة التغيير دون التخلى عن أصالتها..
وإن الذين يستوعبون تراثهم اكتشافا ودراية ونقدا يكونون أكثر استعدادا للحفاظ على التواصل من خلال التغيير.
وقد أشارت الوثيقة إلى أن التراث المقصود هو التراث المكتوب والمقروء والمرئى الذى يشمل العلوم الشرعية من تفسير وحديث وأصول وفقه وسيرة والعلوم اللغوية والأدبية والنقدية والفلسفية كعلم الكلام والتصوف.. الخ.
وتؤكد الوثيقة أن من أهدافها تمكين الأمة الإسلامية من القيام بدورها الحضارى مستهدية بالصفات التى منحها القرآن الكريم لهذه الأمة من قبيل: الأمة الشاهدة والأمة الوسط والأمة القوامة بالقسط.. كما تهدف الوثيقة إلى العمل على نفى كل مظهر من المظاهر التى تتنافى مع حقوق الإنسان والوقوف بحزم أمام العنصرية والطائفية والعشائرية والقبلية.
•••
سيادة الرئيس
لقد وضعتم يدكم على لب القضية فى خطابكم فى ذكرى المولد النبوى الشريف، ولب القضية هو تنقية التراث من المدسوسات المدمرة التى دست فى هذا التراث على مر العصور واكتسبت هالة التقديس والتى تدرس فى معاهدنا الدينية حتى اليوم.. واقتراحى هو ألا نبدأ من الصفر فطالما لدينا هذه الاستراتيجية المعتمدة من قادة العالم الإسلامى والتى تم إهمالها من قبل الحكومات التى تؤثر السلامة على الإقدام على مثل هذه الخطوات الجريئة.
أما الآن وقد طرحتم ــ سيادتكم ــ الموضوع بكل قوة ووضوح وكلفتم الأزهر وشيوخه بالقيام بواجبهم وأنذرتهم بمحاججتهم عند الله يوم القيامة، فإن الخطوة الثانية هى قيام سيادتكم باعتباركم الرئيس الحالى للقمة الإسلامية بدعوة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى والمدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الايسيسكو)، وفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر لاجتماع بالقاهرة للنظر فى تفعيل الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامى خاصة فى شقها الخاص بتنقية التراث وإعادة كتابة التاريخ، وتكليف لجنة من علماء الإسلام خاصة أولئك الذين شاركوا فى وضع هذه الاستراتيجية للشروع فى دراسة التراث والتاريخ الدراسة النقدية التى أوصت بها الاستراتيجية، علما بأن الاستراتيجية نفسها تتضمن توصية من هذا القبيل حيث تنص على إنشاء جهاز لمتابعة تنفيذها..
وباعتقادى أننا بهذه الخطوة نكون قد دخلنا بالعمل الإسلامى المشترك المرحلة الجديدة التى أشارت إليها مقدمة الاستراتيجية والتى تعد ــ بكل المقاييس ــ فتحا جديدا فى العمل الإسلامى المشترك..
وأخيرا فإننا باعتمادنا نهج العمل الإسلامى المشترك نكون قد أشركنا معنا العالم الإسلامى كله فى تحمل مسئولية هذه الثورة الدينية الثقافية وجنبنا أنفسنا التعرض للهجمة التى ستنطلق لا محالة من معاقل الإرهاب الفكرى والتى ستجد فرصتها لاتهامنا بتعديل الدين والمساس «بالمقدسات» إذا انفردنا بهذا العمل