نحن… و«غزوة الكابيتول»
مواقع عربية
آخر تحديث:
الإثنين 11 يناير 2021 - 7:40 م
بتوقيت القاهرة
نشر موقع درج مقالا للكاتب حازم الأمين بشأن ما حدث فى واشنطن قبل أيام (اقتحام الكونجرس). وكيف نظر الممانعون الشرق أوسطيون إلى ما حدث بعين شامتة ساخرة محاولين إقناع الشعوب العربية بفائدة القمع والقيود التى يفرضها حكامهم عليهم حتى لا ينتهى بهم الأمر إلى ما آلت إليه الأوضاع فى أمريكا، مذكرا إياهم بتعرضهم لغزوات أيضا مثل التطبيع وصفقة القرن!... نعرض منه ما يلى.
مثلما صفعتنا الديموقراطية الأمريكية والغربية عموما بهشاشتها عبر ترنحها خلال «غزوة واشنطن»، صفعنا أيضا البخار الذى تصاعد إلى رءوس مثقفى الممانعة الذين وجدوا فى «الغزوة» ضالتهم، فراحوا يصولون ويجولون شارحين مكامن فشل النموذج الغربى وترنحه تحت ضربات الرجال البيض ممن اقتحموا مبنى الكابيتول. وكان أن أعمى البخار أيضا أنظار «كتلة الوفاء للمقاومة» فى لبنان فوصفت ما حصل فى واشنطن بأنه عراك «أثناء تداول مقيت للسلطة»، وهذه العبارة تنطوى على دعوة لـ«مقت» تداول السلطة، وعلى اعتباره إحدى رذائل الديموقراطية الغربية.
والحال أن تعثر الديموقراطية الأمريكية طوال سنوات حكم ترامب الأربع، حصل أيضا على وقع فشل مضاعف أصاب أنظمة حكم بلاد الممانعة بدءا من بيروت ووصولا إلى طهران، وطبعا مرورا بدمشق وبغداد. وهذا الفشل ما لبث أن تكثف وتضاعف على وقع فشل الأنظمة «الترامبية» فى الخليج وتركيا، إلا أن طعمه فى بلاد الممانعة جاء أكثر حدة. وهذا طبعا لم يثر انتباه مراقبى «غزوة واشنطن» والمعقبين عليها من كتاب المحور ومن كتله النيابية. فالاستنتاج وصل إلى أننا أمام نهاية التفوق الأمريكى والغربى، ولم يترافق هذا التوقع مع أى نظرة لمستوى الفشل الذى وصلنا إليه فى بلادنا. أمريكا مذهولة بما فعلته بنفسها عندما أوصلت ترامب إلى البيت الأبيض، ونحن غارقون بنشوة فشلنا على كل المستويات. الإعلام هناك، خلف المحيط، يبحث عن مصطلحات جديدة ليسوقها فى وصف الحدث، ونحن عالقون عند «انتصاراتنا» الوهمية والفارغة وغير الواقعية.
لكن التأمل بالحدث الأمريكى من هنا، من الشرق الأوسط، لا تقتصر تداعياته على منطق «التشفى» المنفصل عن الواقع، إنما يجب أن يمتد إلى ما أحدثته الترامبية فى الإقليم طوال سنوات اشتغالها الأربع. فترامب، وصهره جاريد كوشنر، أعملا تبديلا مأساويا فى المشهد الشرق أوسطى. المشرق لم يعد هو نفسه، والخليج ذهب إلى حيث تصعب العودة لجهة التحاقه بأحلام صهر الرئيس، ورجب طيب أردوغان أعتقد أنه انتزع تفويضا أبديا بأن يحكم تركيا بعقلية فلاديمير بوتين. وعندما تصاب أمريكا بالذهول جراء «غزوة الكابيتول»، يجب أن يمتد هذا الذهول إلى غزوات جاريد كوشنر التى سبقت «غزوة الكابيتول». صفقة القرن كانت غزوة مشابهة، والتطبيع المفتعل وغير العادل فى الخليج كان غزوة، وقتل قاسم سليمانى على رغم ما قام به الرجل من أدوار دموية، كان غزوة أيضا، ذاك أن القرار بقتله انتهك سيادة بلد، ولم يراعِ ما يمكن أن يخلفه الحدث فيه من ارتدادات.
وإذا كان علينا أن نسخر من اعتقاد الممانعة بأننا حيال نهاية أمريكا ونهاية الديموقراطية الأمريكية، ومن المنطقى أن نسخر، إلا أننا يجب أيضا أن نتأمل بحلفاء دونالد ترامب فى المنطقة فى ظل «غزوة واشنطن». بماذا يفكرون الآن بعدما استيقظت أمريكا على النزوة التى ارتكبتها؟ هل يشعرون بأنهم جزء من هذه النزوة، وأن الخطوات الترامبية، التى من الصعب العودة عنها، يمكن للعالم أن يضيفها إلى نزوات الرئيس الذى انقضت ولايته وزمنه وسياساته؟ ما هو مصير الفنادق والمدن على سواحل بلاد التطبيع التى وعد بها كوشنر أهل «صفقة القرن»؟ وكيف سيلاقى أردوغان خصمه جو بايدن فى حفل التنصيب، أما بنيامين نتنياهو، فالانتخابات الوشيكة فى إسرائيل لن تكون هى نفسها فى ظل السقوط المدوى لحليفه فى البيت الأبيض.
أما لبنان فى ظل «غزوة واشنطن» فسيكون هو نفسه، ذاك أنه صار نقطة ميتة وغير مستجيبة لخفقان قلب الكوكب. لبنان فى ظل غزوة واشنطن هو نفسه قبلها. جثة وصفها الأمين العام لـ«حزب الله» بأنها «بلد قوى» و«قوى بسبب سلاح المقاومة»! ونحن إذ مدعوون للعيش فى نعيم هذا السلاح، وقبول ما حصل فى المرفأ وفى المصارف، علينا أن نقبل بأننا آخر بلد على هذا الكوكب سيصله لقاح «كورونا»، وعلينا أن نطرب لخطب السيد حسن نصرالله، وأن نتوقع نهاية وشيكة لأعدائنا وللديموقراطية الغربية البغيضة.
النص الأصلى