ملاحظات شكلية على وثيقة التوجهات الاقتصادية
عمرو هاشم ربيع
آخر تحديث:
الخميس 11 يناير 2024 - 8:15 م
بتوقيت القاهرة
تحت عنوان أبرز التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصرى، صدر منذ أيام قليلة عن مجلس الوزراء تقريرا متكاملا من 154 صفحة يتناول جهد خبراء كثر، فيما يتعلق بالاقتصاد المصرى وخطط تطويره خلال الفترة من 24 ــ 2030.
التقرير السابق بدا كما لو كان عملا متأخرا لأربعة أشهر، إذ كان يتوجب أن يعلن فى سبتمبر الماضى، فى إطار الإعلان عن البرنامج الزمنى لانتخابات الرئاسة، حتى يكون جزءا من البرنامج الرئاسى للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى لم يعلن إبان الانتخابات. لكن على أى حال، وكما تقول الحكمة، تأتى متأخرا أفضل كثيرا من أن تتغيب ولا تأتى.
الأمر الشكلى الثانى فى الوثيقة أنها تتناول أوضاعا محددة، لا تتصل بجميع أوجاع الشأن المصرى، الأمر الذى يجعل منها عملا مقدرًا يحتاج إلى استكمال ضرورى وعاجل. هنا نذكر على سبيل الحصر، الحاجة إلى وثيقة موازية متصلة بالشأن السياسى بجميع أوضاعه الرسمية (مؤسسات الدولة وسلطاتها الثلاث وإداراتها المحلية) وغير الرسمية (الأحزاب والمجتمع المدنى والإعلام).
الأمر الآخر هناك حاجة إلى وثيقة تتعلق بالشأن الاجتماعى. صحيح أن الوثيقة المعلنة عالجت أوضاع التعليم والبحث العلمى والصحة والشباب والتمكين الاقتصادى للمرأة والبطالة، لكنها لم تشر لأرباب المعاشات وأوضاع التأمينات الاجتماعية وذوى الإعاقة وكيفية الحراك الاجتماعى المرتبط بإنقاذ الطبقة الدنيا من العوز والفقر.
الأمر الثالث، أنه على الرغم من أن الوثيقة ارتبطت بالشأن الاقتصادى، وهذا فى حد ذاته أمر مهم لواحد من مناحى الحياة ولب المشكلات التى يعانى منها المصريون، إلا أنها فى معالجتها لبعض الأمور كالتجارة الخارجية، ومشكلات التضخم، والاستثمار كان ذلك بشكل غير مباشر، ويحتاج إلى المزيد من التركيز والملاحظة المكثفة.
الأمر الشكلى الرابع، أن الوثيقة فى إطار معالجتها للأوضاع الاقتصادية، ربطت موضوعاتها بالفترة من 24ــ2030، وهذا فى حد ذاته أمر جيد، فالفترة محدودة، ومتصلة بفترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى الأخيرة. ما يجعل ما هو مذكور من طموحات وآمال مرتبط بأفعال محددة. على أن الوثيقة فى هذا الشأن ينقصها أنها لم تضع من الناحية الزمنية خطوات وإجراءات وقتية فى إطار شرائح زمنية. بعبارة أخرى، كان مهما على الوثيقة أن تقسم الأهداف والطموحات إلى سنوات ميلادية أو سنوات مرتبطة بالموازنة العامة كل عام، لثلاثة أسباب: الأول حتى يسهل على المنفذين القيام بأدوارهم فى كل عام بشكل منفصل عن العام التالى، وهو إجراء مهم خاصة فى حال حدوث أى تغيير فى الحكومة خلال تلك الفترة، وحتى لا نبدأ كل مرة من البداية، عند حدوث هذا التغيير. أما السبب الثانى، فهو سهولة المحاسبة والرقابة والمتابعة من الأجهزة الرقابية المتصلة بالبرلمان وغيره من مؤسسات غير رسمية كالإعلام والأحزاب. وبالنسبة للسبب الثالث، فإن التقسيم السنوى يفيد بسرعة معالجة أى قصور أو تداعيات.
أخيرا وليس آخرا، أن الوثيقة من الناحية الشكلية، ارتبطت بكل ما هو متصل بالشأن المصرى الداخلى، ولم تتطرق إلى الشأن الخارجى، إلا فيما يتعلق بما حوته من موضوعات كالاستثمار وقناة السويس وغيره. وغنى عن البيان أنها فى هذا الصدد كان ينبغى أن تعالج المشكلات التى تمر بها مصر خارجيًا. هنا ليس من المطلوب أن تتطرق الوثيقة لمواقف محددة فى السياسة الخارجية، لأن تلك المواقف مرتبطة عادة بسلوك أطراف إقليمية ودولية أخرى، لكن كان يكفيها أن تتطرق لمسألة إحياء الدور المصرى فى الساحة الإقليمية والدولية، واستعادة هذا الدور فى الدوائر الرئيسية للسياسة الخارجية المصرية عربيا وأفريقيا ودوليا.