تنظيم الأسرة.. قراءة جديدة لأوراق قديمة
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الجمعة 11 فبراير 2022 - 8:50 م
بتوقيت القاهرة
أعلنت الساعة السكانية الإلكترونية بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد سكان مصر شهد زيادة ملحوظة خلال أسبوع؛ حيث وصل إجمالى عدد سكان مصر إلى ١٠٢ مليون و٨٧٧ ألفا و٩٠١ نسمة، يوم السبت ١٥ يناير ٢٠٢٢ مقابل ١٠٢ مليون و٨٤٩ ألفا و٨٣٠ نسمة يوم السبت ٨ يناير ٢٠٢٢ بزيادة بلغت ٦٠ ألف مولود جديد بعد أسبوعين من بداية العام حيث بلغ عدد السكان فى أول أيام عام ٢٠٢٢ نحو ١٠٢ مليون و٨١٧ ألفا و٧٩٩ نسمة.
الأمر الذى علق عليه الدكتور عمرو حسن الرئيس السابق للمجلس القومى للسكان بقوله: «إن الفقر إذا كان نتيجة زيادة عدد السكان فإنه أيضا سبب لزيادة السكان: نحن أمام خيارين إما تنظيم الإنجاب أو زيادة الفقر والجوع والأمية».
الأرقام صادمة والتعليق بالفعل يعكس صورة صادقة لما آل إليه الحال الذى سيسجل الأسبوع القادم ١٠٣ ملايين نسمة حيث متوسط المواليد فى اليوم الواحد يتراوح بين ٧ إلى ٨ آلاف نسمة بمعدل مولود كل خمس عشرة ثانية!!
مستقبل ينذر بالخطر على جميع الأصعدة! نصيب الإنسان المصرى من الحياة الكريمة يتناقص باستمرار فى اضطراد! فى التعليم، فى الصحة، فى حظه من ماء الشرب، فى السكن، فى المواصلات، هل تخفى تلك المعلومات عن الدولة؟
لا أظن أنها تخفى على أصحاب الشأن وإن كنت لا أعفى الإنسان المصرى من المسئولية فالأمر يبدأ عنده لينتهى أيضا عنده.
عاصرت خلال مسيرتى المهنية العديد من النجاحات لمشروعات صحية فى المقام الأول وإن ارتبطت بمشروعات مجتمعية كنا نسعى للمساهمة فيها كواجب وطنى عن قناعة فى رضا لا أجد لها الآن أى أثر.
المشروع القومى لتنظيم الأسرة وتحديد النسل. أذكر جيدا بدايات نجاح هذا المشروع وكيف انتشرت فروعه فى كل مكان لتقديم المشورة والخدمة الطبية والاجتماعية حتى إن معهد القلب القومى أنشأ خصيصا عيادة طبية للسيدات تقدم الرعاية الطبية لمريضاته وكان العمل فيها يضم طبيبا لأمراض القلب وآخر للنسا والولادة إلى جانب عدد من الممرضات المؤهلات لتوعية الأمهات ورعاية الحوامل منهن والموظفين لتسجيل الحالات وصياغة البيانات التى يمكن الاستفادة منها فى أعمال البحث العلمى.
أذكر جيدا ألوان الرعاية الاجتماعية التى كانت تقدم للسيدات وأسرهن بداية من المواد التموينية والفيتامينات وأقراص منع الحمل بل وعمليات ربط قناة فالوب لمن ترغب من السيدات لمن استكفت منهن بثلاثة أطفال.
أذكر جيدا كيف تصدينا لأحد المشايخ حينما أفتى بأن تلك العملية حرام شرعا وكيف أقنعناه بالحسنى حين دعوناه ليرى بنفسه ما تتعرض له مريضة القلب من أخطار قد تودى بحياتها إذا ما استمرت فى الحمل والولادة بدون حسابات. رحمه الله تطوع لمعاونتنا بعدها بالحضور أسبوعيا للحديث مع السيدات المترددات على العيادة بغرض نصحهن وتقديم المشورة الفقهية التى تشجعهن على تنظيم النسل ورعاية أطفالهن بل ورعاية أنفسهن.
أين ذهب هذا الجهد الذى كان من الطبيعى أن يتم استثماره لوقف ذلك الشلال من المواليد الذى يستنزف موارد الدولة ويقضى على أمل أجيال قادمة من المصريين فى حياة كريمة.
تداهمنى مرارة عميقة حينما أتذكر كيف كنا نتشارك فى دراسة المشكلات الصحية وتداعياتها الاجتماعية فنسارع للتطوع فى اقتراح الحلول وإمكانية تنفيذها.
تحدثنا الأسبوع الماضى عن الوحدات الصحية ودورها فى الريف الذى يكاد يكون قد انتهى.
اليوم أذكر الموضوع الأهم «مواجهة خطر الزيادة السكانية الكارثى».
نحن بحاجة لمراجعة خطط مشروعات قومية بدأت فى الماضى القريب لكنها لم تستمر رغم البدايات القوية.
هل نستلهم الحلول من الماضى بدلا من مواكبة التطور الهائل الذى تستمتع به دول فى مجال الخدمة الصحية الأولية ككندا التى تدعو الناس للهجرة إليها لقلة عدد سكانها؟
أقول بثقة: نعم. لتكن قراءة جديدة لأوراق قديمة من يتصدى اليوم لفكرة إحياء المشروع القومى لتنظيم الأسرة: وزارة الصحة أم التضامن؟ وزارة التعليم أم الإسكان والتعمير؟ الإعلام أم المجتمع المدنى؟
الواقع أنه فرض عين على الجميع. مسئولية لا أعفى منها الإنسان المصرى.