ليلى بنت الريف‎‎

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 11 فبراير 2022 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

أغلب الذكور فى السينما المصرية، خاصة فى العناوين، يحملون اسم حسن، أما اغلب البنات فإن اسم ليلى موجود بكثرة خاصة أيضا فى العناوين، ولاشك أن وجود ليلى مراد ونجاحها الجماهيرى قد ساعد فى ذلك فى مرحلة بعينها ومن خلال مخرجين منهم توجو مزراحى والطريف أن اسم ليلى هو أيضا لأول فيلم روائى مصرى عام 1927، وقد كانت ليلى فوزى تميل الى أن تسمى نفسها بهذا الاسم، خاصة فى أفلام من انتاجها وتعتبر أفلام مزراحى مع ليلى مراد بمثابة نقطة تحول ملحوظة فى مسيرتى المخرج والممثلين، فقد نضجت ليلى مراد كثيرا على يدى مخرجها الذى تفرغ لها وحدها منذ نهايات الثلاثينيات وبداية الاربعينيات منها «ليلة ممطرة» و«ليلى بنت الريف» و«ليلى بنت مدارس» و«ليلى فى الظلام» وأغلبها يعتمد على وجود ليلى امام كل من يوسف وهبى ثم حسين صدقى، وفى بعض هذه الأفلام كان أنور وجدى يقوم بدور العاشق الهامشى الذى ينتظر الفرصة للحصول على ليلى التى حصل عليها بالفعل فى أفلام كبيرة فيما بعد.
هذه الأفلام اغلبها مقتبس من النصوص الأدبية العالمية. وعلى المستوى الشخصى فأنا لا أعرف المصدر الاساسى لفيلم «ليلى بنت الريف» لكنه يعتمد على مرحلة الاهتمام بتطور المرأة فى المجتمع المصرى فالبنت تتعلم فى المدرسة وهنا فإن البنت الريفية «الفلاحة» التى تثير اشمئزاز الشاب الطبيب الذى تعلم فى جامعات بريطانيا والذى تزوج منها رغما عن أنفه من ضغوط أمه بسبب الميراث؛ حيث استدعته من العاصمة كى يذهب اليها فى القرية ففوجئ أن طفلة الأمس الفلاحة صارت فى سن زواج، وهو الرجل الذى تعددت علاقاته النسائية فإذا به يصحب معه زوجة يخجل منها، توجو مزراحى يقدم هنا نموذجا للمرأة الريفية، أنا شخصيا أعتقد أنه لا وجود له فى الواقع، لكنه محاولة للتأكيد على أن هناك فلاحة تسكن الريف تتقن اللغات الأجنبية بطلاقة، ويمكنها أن تذهب إلى حفل كبير ملىء بأبناء المدينة لتغنى لهم رغم انها متزوجة من منير ما يثير دهشة زوجها.
نعم أجزم أن الفلاحة المثقفة من مثل هذه الطريقة يجب أن تكون قد مرت على المدينة ودرست فى المدارس الأجنبية خاصة الفرنسية منها، وهذا النوع من البنات فى العادة لا يعود الى القرية بل يظل فى الريف للاستمتاع بما كسبه من مهارات ومعرفة؛ حيث إن الزوج قد انخدع فى الملابس القروية والمفروض أنه حسب الفيلم أنه قد انتزع هذا الجلباب على فراش الزوجية ولعله لاحظ كل آثار الثقافة الأجنبية والتعليم الآخر عليها فى جسدها وفى ملابسها الداخلية لكن يبدو أن الطبيب الذى تعلم فى أوروبا له الكثير من العاشقات قد أعمته فقط جلابية عروسه التى رأيناها تصادق البنات اللاتى على مثيلتها وهنا تقرر أن تمنح زوجها حالة من الترويض أشبه بترويض النمرة ولكن مع حذف تاء التأنيث ولكن ترويض النمرة، الزوج المتعجرف الذى يبدأ بالشعور بالغيرة على زوجة كم أعلن اشمئزازهم منها وفى النهاية تستقيم الأمور وتنتهى حالة الترويض، ليكتشف أن بنت الريف هى فى الحقيقة بنت مثقفة راقية أى بنت ذوات وأنه كان يحكم عليها من خلال الشكل الخارجى فقط.
فى الدراسات المكتوبة عن المرأة عن تطور صورة المرأة فى السينما المصرية لم ينتبه أحد إلى حالة ليلى واعتبروا أن أفلاما كتبها إحسان عبدالقدوس هى النصوص الرائدة لظهور جيل جديد من بنات صاحبات مواقف مشرفة مثل علية فى «أين عمرى»، وبطل فيلم «أنا حرة»، لكن لا شك أن ليلى عند توجو مزراحى هى من أوائل البنات اللائى يفخر بهن المجتمع المصرى فى تاريخه الحديث، وللأسف الشديد فإن الأفلام التالية للمخرج مع الممثلة كان بمثابة ردة لصورة المرأة، كما يريدها المجتمع المصرى كما حدث فى دور العاهرة أو غادة الكاميليا فى فيلم «ليلى» ثم «بنت الذوات» فى فيلم «ليلى فى الظلام».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved