تحييد رءوس الفتنة
عماد الدين حسين
آخر تحديث:
الجمعة 11 مارس 2011 - 10:05 ص
بتوقيت القاهرة
عندما يعلن د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء ونائبه د. يحيى الجمل أن هناك ثورة مضادة، فان المنطق يقول إن الحكومة لا بد أن تكون جاهزة ومستعدة لمواجهة هذه الثورة.
للمرة الأولى منذ نجاح الثورة فى 11 فبراير ــ عندما تنحى حسنى مبارك ــ يشعر كثير من المصريين بأن هناك خطرا محدقا يتربص بالثورة.. كثيرون لم يكونوا يدركون مغزى غياب الأمن، حتى شاهدوا تحالف البلطجية وبقايا النظام السابق مع بعض المتطرفين المسلمين والمسيحيين يعيثون فى الشارع ترويعا ورعبا وإجراما.
مواطنون بسطاء كثر وكتاب صحفيون حذروا مرارا وتكرارا من الثورة المضادة ودعوا إلى اتخاذ إجراءات وقائية حاسمة وسريعة لمواجهتها، لكن حكومة أحمد شفيق لم تتحرك، وتفننت فى المراوغة، وذلك هو السبب الرئيسى الذى جعل الثوار يصرون على ضرورة إقالة الرجل وابعاده، لانه كان ببساطة يمثل أفضل غطاء وحماية لكل أنصار الثورة المضادة حتى لو لم يكن يقصد ذلك.
الآن حصحص الحق.. وثبت للجميع ان الثورة المضادة ليست مجرد تعبير نظرى، وليست مجرد خيالات وهلاوس تفتك بعقول ثائرين رومانسيين متحمسين، هى وحش مفترس يتحرك على الأرض.
تحالف الثورة المضادة واسع وعريض ويضم كل من تضرروا من ثورة 25 يناير.. فى هذا التحالف سنجد كل رجال الأعمال الذين راهنوا على التوريث، وسنجد أيضا غالبية قيادات الحزب الوطنى والمحليات فى الريف وهم بطبعهم يمثلون ثقلا عائليا فى مناطقهم متحالفين مع بعض رجال الدين الرسميين. سنجد أيضا بعض قادة أجهزة الأمن وبعض قادة الإعلام الرسمى، وكل إعلامى كان مرتبطا بالنظام السابق حتى لو حمل صفة معارض زورا وتدليسا.
رجال الأعمال وقادة الوطنى والأمن والإعلام هم المحركون الرئيسيون للثورة المضادة، أما الجيش العامل والمتحرك على الأرض لهذه الثورة فهو البلطجية والمتطرفون.
البلطجية قطاع عريض «رباهم» الحزب الوطنى «وعلفهم وسمنهم» طوال ثلاثين عاما، استخدمهم فى كل المعارك القذرة بداية من ترويع المعارضين وفض مظاهرات المعارضة ونهاية بتزوير الانتخابات.. ورغم جهل هؤلاء البلطجية إلا أنهم يشعرون بأن أى حكم ديمقراطى حقيقى يعنى القضاء على دولتهم.
وبجانب هؤلاء هناك المتطرفون، خصوصا بعض السلفيين المسلمين وبعض المتطرفين المسيحيين..
هؤلاء المتطرفون بعضهم يعمل مع أجهزة الأمن بصورة مباشرة وآخرون يتحركون بعشوائية ولا يعرفون أن نتيجة أعمالهم تصب مباشرة فى مصلحة الثورة المضادة.
خريطة الثورة المضادة واضحة للجميع.. ونحن الآن نعيش ما يشبه حالة الحرب..
وبالتالى فليس مفهوما ان تدرك انك فى حالة حرب، وترى العدو أمامك ويهاجمك ثم تتركه طليقا، يدبر المكائد والمؤامرة وأنت تتفرج عليه وتكتفى بان تقول له «عيب.. لا يصح».
لا نريد إجراءات تنكيلية.. فقط اعزلوا عناصر الثورة المضادة خصوصا رءوس الفتنة، افرضوا عليهم إقامة جبرية بالقانون حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
ليس معقولا أن ندع بعض المحرضين فى أجهزة الإعلام يقولون بأفواههم ما ليس فى قلوبهم.. يشعلون الفتنة وهم يمدحون الثورة.. هؤلاء أخطر مليون مرة من البلطجية.
يا دكتور عصام شرف: دورنا ان ننبه وأن نحذر، لكن دورك ودور باقى أجهزة حكومتك هى الفعل.. تحركوا الآن قبل أن يصل الاستهداف إليكم شخصيا.