قانون حفظ ماء الوجه

أحمد الصاوى
أحمد الصاوى

آخر تحديث: الخميس 12 أبريل 2012 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

يحاول البرلمان أن يحفظ الكثير من ماء وجهه بعد عدة أشهر من انتخابه دون أن يحقق لمشروع الثورة أى إنجاز، لكنه وهو يفعل ذلك يعلم تماما أنه يدغدغ مشاعر الناس لا أكثر.. الصديق عصام سلطان طرح مشروع قانونه لحرمان شخص بعينه من دخول سباق الرئاسة، وهو محامٍ وقانونى قدير ويعرف تماما الشبهات الدستورية التى تحيط بمبدأ القانون، خاصة بعد التعديلات التى أدخلت عليه بعد مناقشات حامية فى اللجنة التشريعية ومن بعدها الجلسة العامة، وحتى كتابة هذه السطور كانت الجلسة الاستثنائية مستمرة لتمريره، وسواء فعلت أم لم تفعل فلن يثمن ذلك أو يغنى من جوع.

 

لا يملك عصام سلطان عصا الأغلبية حتى يحركها، وقانون كذلك كان لابد أن يصدر فى مرحلة مبكرة، بمجرد تشكيل البرلمان، عرف نواب الأغلبية الآن أن شبح النظام القديم أولى بالمطاردة من «زلات لسان زياد العليمى» ومن الهجوم على البرادعى واتهامه بالعمالة، ومن قوانين الحرابة ومنع الإنجليزية، ومن مظاهر الأذان ورفض الوقوف للسلام للجمهورى أو الحداد على كبير الأقباط.

 

قانون كذلك كان من أولويات الثورة، وحين كانت الثورة لا تملك برلمانا كانت تناشد المجلس العسكرى إصداره، وحين رفض المجلس تكفل الشعب بالعزل، ووجد موقف المجلس العسكرى من يدافع عنه من بين مكونات الأغلبية الحالية، وحين امتلكت الثورة «نظريا» برلمانا، لم يلبى طموحاتها إلا عندما هاجمهم «العو» كما يحب أنصار سليمان أن يطلقوا عليه، وحين صار هناك تنافس حقيقى الأغلبية جزء منه.

 

يقولون فى الأمثال.. أن تأتى متأخرا أفضل من ألا تأتى على الإطلاق.. لكن فى السياسة، خاصة إذا ما كانت مرتبطة بحالة ثورية لا يصح أن تأتى متأخرا أبدا، لأن تأخرك لن يعنى سوى أن ما تقوم به من جهد سيذهب أدراج الرياح، لأن قانون يصدر من أجل شخص واحد المؤكد أنه «غير دستورى»، كما أن صدوره بعد فتح باب الترشح، وربما التصديق النهائى عليه من قبل المجلس العسكرى بعد غلق باب الطعون يعنى انتفاء أثره، لأن المؤكد أن القوانين لا تطبق حين صدورها بأثر رجعى، ناهيك عن التمييز الصارخ فى القانون الذى يسمح لـ«الفلول» أن يكونوا وزراء ومحافظين ورؤساء هيئات فيما لا يسمح لهم بالترشح للرئاسة، كما أن أية شروط فى القانون الأغلب أنها تنطبق على كل جنرالات المجلس العسكرى وكبار رجال القضاء.

 

هذا إذن قانون تفصيل، المسألة لا تحتاج لحديث لأن صاحبه «عصام سلطان» قال ذلك بوضوح، وحماس النواب له يتعلق بعمر سليمان فقط، فلو كان الجميع تحت القبة مقتنع بالمبدأ من الأصل ربما استفزهم بشكل مبكر ترشح شفيق، لكننى لا يعنينى إذا كان تفصيل أم لا، ما يعنينى أنه قد يكون بلا أثر يستهلك وقتك وطاقتك ومجهودك، وينتهى الأمر إلى لا شىء، وتضيع عليك فرص العمل السياسى الحقيقى لعزل «الفلول» عبر خطاب موجه لجمهور الناخبين، لكن كيف ينجح هذا الخطاب فى وجود ممارسات حقيقية أبعدت الأغلبية البرلمانية عن باقى قوى الثورة، وخوفت قطاعات كبيرة منهم، وهو خوف حقيقى وليس صناعة إعلامية ويعترف به الكثير من العقلاء داخل الإخوان.. كل الفرص تأتى وتذهب عند الأغلبية.. والأغلبية ستحفظ ماء وجهها بتمرير القانون، دون أن تلتفت لواجبها السياسى فى إصلاح ما أفسدته فى مسيرة الثورة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved