استوقفتنى هذا الأسبوع وقائع قصة إنسانية بديعة اختلطت فيها عزوبة المشاعر حينما ينتصر الحب للحياة ومرارة الواقع حينما يعلن الحرب بلا هوادة على حق الإنسان فى العلاج.
بدأت القصة حينما كتبت شابة فى الثامنة عشرة من عمرها (كاتى دونوفان Katie Donovan) مصابة بمرض خطير فى الرئة على الفيس بوك لشاب فى مثل عمرها مصاب بذات المرض رسالة: إذا ما احتجت لأن تسر بشىء ما فى نفسك لإنسان أو تلتفت حولك تبحث عن صديق اكتب لى فأنا هنا.
سرعان ما جاءها الرد: عفوا هل التقينا من قبل؟
لم يجمعهما لقاء من قبل لكن كاتى كانت قد طالعت صفحة دالتون براجر Daliton Prager على الفيس بوك بالصدفة لتعرف أنه فى حالة صحية متدهورة وأنه يعانى من ذات المرض الذى سكن رئتيها عنوة، فأحال نسيجها الرخو الهش إلى مجموعة من حويصلات تتليف أنسجتها مع الوقت الأمر الذى يحول بين الرئة وأدائها لوظيفتها الأساسية فى استقبال الهواء المحمل بذرات الأكسجين وطرد غاز ثانى أكسيد الكربون. فتتحول عملية التنفس البسيطة السلسة إلى معاناة مؤلمة تنعكس على كل أعضاء الإنسان. فى النهاية تصبح الرئات التالفة نسيجا خصبا لغزو الميكروبات الضارية المختلفة ليصارع الإنسان قدرا يسلمه إما إلى الاختناق بين ضلوعه أو إذا حالفه الحظ إلى عملية لزرع رئات جديدة، عليه أن يقف فى طابور طويل ينتظر دوره فى الحصول عليها.
انتصر الحب فى النهاية والتقى كاتى ودالتون ليتزوجا وثالثهما المرض بين محبة الأصدقاء ودعوات الأهل وتحذير الأطباء من مغبة النهاية الوشيكة. منح القدر دالتون فرصة ذهبية لإجراء عملية زرع للرئة، لكنه أصاب كاتى فى مقتل حينما هاجمتها عدوى لميكروب شرس تخشى على زوجها من انتقاله إليه خاصة أنه يتعاطى أدوية مثبطة للمناعة تعاون الجسم على أن يتقبل الرئات الجديدة فلا يطردها. فى ذات الوقت ونظرا لأن قانون التأمين الصحى فى الولايات المتحدة لا يلقى بظله كاملا على المواطن الأمريكى، كانت كاتى قد استنفدت ميزانية علاجها ولم يعد لديها ما يكفل لها عملية زرع الرئات. كتبت طبيبتها المعالجة خطابا مفتوحا نشرته الصحف تناشد الدولة والهيئات المختلفة أن تتبنى علاجها ضمنته عبارة نقلا عن كاتى «من العار أن أموت من أجل نفقات علاجى».
مازالت قضية كاتى ملفا مفتوحا ينتظر من يضع له نهاية.
إذن حتى فى أكثر بلاد العالم تقدما مازال هناك من يطالب بالحق فى العلاج لكن الواقع أنه الاستثناء، أما لدينا فهى القاعدة. مازلنا ننتظر قانونا للتأمين الصحى أو حتى مشروع قانون.. فهل من خبر؟