عودوا إلى الميدان
وائل قنديل
آخر تحديث:
الأربعاء 11 مايو 2011 - 8:08 ص
بتوقيت القاهرة
هناك إجماع الآن على أن بقايا النظام الساقط وراء إشعال حرائق الفتنة الطائفية، بدءا من المجلس العسكرى مرورا بمجلس الوزراء، وانتهاء بالمجلس القومى لحقوق الإنسان، على الرغم من تشكيلته الفضائحية التى تضم أسماء يمكن أن تضعها فى قوائم الذيول والفلول وأنت مطمئن.
إذن.. مادامت الصورة بهذا الوضوح، فلماذا لا نكون على مستوى الحدث ونتعامل بحسم وقطع مع جسد الأفعى الذى لايزال قادرا على بث سمومه فى كل مكان؟
من حق الناس أن تسأل فى غضب: لماذا يتركون رأس النظام السابق فى شرم الشيخ حتى الآن؟ لقد رحل السباعى بتقاريره وفتاواه «الطب شرعية» الهزيلة التى كانت تحول دون نقل مبارك إلى القاهرة ليحقق معه ويحاكم مثل باقى المتهمين فى أماكن التحقيق والتحفظ الطبيعية؟
وما الذى يمنع أن يكون وجوده فى شرم الشيخ، متمتعا بكل هذا الدلال فى المعاملة محركا لأحداث انتقامية من الثورة هنا وهناك، مختبئا خلف نكتة «الارتجاف الأذينى» ويستطيع الاتصال مع من يشاء، حيث لا يزال يلقى معاملة الرؤساء؟
هذه واحدة، أما الثانية فهى أن الثورة دخلت فى متاهات الطائفية والفئوية عندما انتزعوا ميدان التحرير بقيمه وروحه من الثوار، وأخرجوهم منه عنوة فى مشاهد جرحت بهاء الثورة وخدشت نقاءها، وليس من قبيل المبالغة والتضخيم أننا ندفع الآن ثمن الاستعجال والهرولة والقفز العنيف إلى مستقبل غير محدد المعالم، قبل الانتهاء من تنظيف الحاضر من روث الماضى وفساده.
والذى حدث ببساطة أنهم لم يصدقوا أن مصر أجرت جراحة دقيقة للغاية فى 25 يناير ولم يكن معقولا ولا مقبولا أن نغلق الجرح دون الاطمئنان إلى نظافته بشكل كامل، فاعتبروا أن الإلحاح على التطهير والاستئصال للبؤر الخطرة نوعا من السوداوية والمكارثية وتصفية الحسابات، تعطل الانطلاق نحو المستقبل.
وهاهم الآن يعترفون بما أنكروه قبل ذلك، وعليه فالمنطق يقول إننا يجب أن نترك الثورة تكمل دورتها، وتنجز مهمتها فى صناعة مصر جديدة حقا، وليست مصر المهجنة، أو المرقعة، أو مصر المزيج المتناقض من وجوه قديمة تنتمى فكرا وأداء للنظام السابق، ووجوه جديدة لم تمانع فى العمل مع من قامت الثورة لإزاحتهم من المشهد.
إن شياطين الفتنة الطائفية كانت مصفدة عندما كانت روح الثورة حاضرة ومضيئة داخل كل المصريين، غير أن هذه الروح أزهقت أو طردت بالقوة عندما جرى التعامل مع ميدان التحرير باعتباره مكمن خطورة، وتم اختطافه من الثوار، رغم أن الأيام أثبتت أن مصر خسرت كثيرا عندما تم إجلاء المصريين عنه.
وأظن أننا أحوج ما نكون الآن للعودة إلى الميدان، بروحه وقيمه وإنسانيته، وقبل ذلك لابد أن يعى الذين يديرون البلد ويحكمونها أن معنى كلمة ثورة لا يحتمل مفردات مثل «التهجين» و«الترقيع» والزواج القسرى بين القديم والجديد.
«مهما عملتوا هنفضل واحد»
تلقيت دعوة من أصدقاء أقباط للمشاركة فى صلاة الجمعة وصلاة باكر وترانيم مسيحية فى شارع شبرا للتعبير عن وحدة المصريين مسلمين ومسيحيين تحت عنوان «مهما عملتوا هنفضل واحد» وأظنها فكرة رائعة، أتمنى أن تنفذ ليس فى شارع شبرا فقط، بل فى ميدان التحرير وكل ميادين الثورة أيضا.