لا أحد يريد استقلال القضاء
عبد الرحمن يوسف
آخر تحديث:
السبت 11 مايو 2013 - 8:00 ص
بتوقيت القاهرة
إذن... فقد اندلعت معركة استقلال القضاء، وها هى مليونية تطهير القضاء قد حاصرت دار القضاء العالى، وها هى جبهة الإنقاذ والتيار المدنى وقفوا ضد مليونية التطهير تلك، وها هم القضاة قد واجهوا كل من يريد أن يتدخل فى شئونهم.
هكذا يعرض المشهد أمام المشاهد أو القارئ، ولكن الحقيقة أنه لا أحد يريد استقلال القضاء!
الطرف الأول وهم أهل الحكم من تيار الإسلام السياسى لا يعبأون باستقلال القضاء إلا إذا مس مصالحهم، ولو أنهم تمكنوا من تطويع ما يكفى من القضاة كما فعل الرئيس المخلوع لما كان الموضوع على رأس أولوياتهم.
نحن أمام تيار انتهازى، لا يريد الإصلاح، بل يريد الاستحواذ، ولا يهمه التغيير، بل يهمه الحكم.
أما السادة الذين يرفعون أصواتهم اليوم بقصائد مديح القضاء المستقل الشامخ، فلم يتحدثوا فى هذا الموضوع إلا نكاية فى الإخوان المسلمين، وهؤلاء أنفسهم اتهموا القضاء بتزوير الانتخابات الرئاسية، وهم أنفسهم ساعدوا فى تشويه صورة القضاة والقضاء لكى يشككوا فى فوز خصمهم بالانتخابات.
نحن أمام فصيل سياسى «مدنى» لا يعبأ باستقلال القضاء أو غيره من المؤسسات، وهو على استعداد لتدمير الدولة كلها شريطة أن لا يحكم الإسلاميون.
أما القضاة أنفسهم فإن فى فمى ماءً كثيرا، ولكن ما يمكن أن أبوح به فى هذا الشأن هو أن أكبر إهانة لحقت بالقضاء المصرى فى تاريخه كله كانت حين أمر المجلس العسكرى بالإفراج عن المتهمين الأمريكان فى قضية التمويل الأجنبى، ويومها لم نجد قاضيا محترما يتحدث فى الموضوع سوى قلة على رأسها القاضى المحترم محمد شكرى الذى تنحى عن القضية، ورفض أن يشترك فى هذه المسخرة، ورفض أن يتلقى الأوامر من قاض آخر يتلقى أوامره من مشير أو فريق!
إن كثيرا من القضاة راضون ببقاء القضاء على حاله، لكى يورثوا مواقعهم لأبنائهم، وحال القضاء كما نعلم جميعا لا يسر.
بقى سؤال أخير، وهو «هل يعقل أن لا يكون هناك من أحد فى هذا البلد العظيم يريد استقلال القضاء بصدق؟».
والإجابة: إن من يريد استقلال القضاء بصدق هو المواطن البسيط الذى لا ناقة له ولا جمل فى معارك السياسة، وهؤلاء غالبية المصريين، وكم يسعدهم أن ينصلح حال القضاء وجميع مؤسسات الدولة.
هؤلاء البسطاء لا غرض لهم، ولا مكسب لهم إلا أن ينصلح حال الأمة كلها، وهؤلاء سوف يدعمون وينتخبون ويساندون أى سياسى يثبت لهم أنه لا يريد سوى الصالح العام.
من كل ما سبق يتضح لك أيها القارئ الكريم أن مصر اليوم فى انتظار جيل جديد من القادة والسياسيين، وأن قادة اليوم يكيلون بألف مكيال، وأن المخرج مما نحن فيه اليوم أن نتحدث عن برنامج كامل للعدالة الانتقالية، وأن يتم ذلك بتوافق الجميع، بحيث لا توضع قواعد جديدة للعبة السياسة يكون المقصود بها نصرة فصيل على فصيل.
خلاصة الأمر... الغرض مرض، وكلهم صاحب غرض!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين...