برقية الملك وسياقها العربى
صحافة عربية
آخر تحديث:
الأربعاء 11 يونيو 2014 - 9:40 ص
بتوقيت القاهرة
كان من اللافت إسراع خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإرسال برقية تهنئة إلى رئيس مصر المنتخب عبدالفتاح السيسى، بعد إعلان نتيجة الانتخابات مباشرة. لم تكن برقية بروتوكولية للمجاملة. على العكس، كانت برقية طويلة فى نصها على غير المعهود ديبلوماسيا، وغير تقليدية فى صياغتها. أراد الملك استباق الجميع بإعلان موقف واضح ومباشر وحاسم عن خيارات السعودية حيال ما يجرى فى مصر. وبمقدار ما أن البرقية تعكس بما تضمنته من مواقف استشعارا لخطورة المرحلة، وما ينتظرها من استحقاقات كبيرة، فهى تعبر أيضا عن قناعة متزايدة بأن استقرار مصر فى هذه المرحلة وما تحبل به يمثل مصلحة استراتيجية للسعودية.
بعد انهيار العراق وسورية، واستمرار الوضع المضطرب فى اليمن وليبيا تضاعفت حاجة المنطقة إلى منع مصر من الانفجار والانزلاق نحو حال مزمنة من الاضطراب وعدم الاستقرار. سقوط مصر، لا سمح الله، يعنى أن المملكة ستكون بمفردها وسط العاصفة. هذا فضلا عن أن التدخلات الخارجية تعتاش على الاضطراب السياسى فى دول المنطقة.
إذا كانت الصورة على هذا النحو، وهى كذلك، تبرز ملاحظتان لم يعد من الممكن تجاهلهما. الأولى أن بعض الدول العربية قابلة للاضطراب وعدم الاستقرار، وأن هذه القابلية قد تتمدد إلى ما هو أبعد من ذلك. صحيح أنه لا يمكن مقارنة مصر من ناحية، والعراق واليمن وسورية من ناحية أخرى، لكن يبقى السؤال: كيف يمكن وضع حد لهذه الحال؟ الملاحظة الثانية أن إيران أكثر من استفاد حتى الآن من الاضطرابات العربية، واستطاعت من خلال ذلك التغلغل داخل اثنتين من بين أكبر الدول العربية، وثالثة أقل حجما، وتحاول فى اثنتين أخريين، كل ذلك على مرأى من دولتين كبريين هما السعودية ومصر. والسؤال: كيف يمكن وقف التدخلات الإيرانية؟ هل هناك اتفاق فى الرؤية السعودية ــ المصرية حيال هذه المسألة؟ ولماذا تكاد السعودية وبعض دول الخليج أن تكون الوحيدة التى تقف فى وجه التدخلات الإيرانية؟
تحتاج مصر إلى السعودية ودول الخليج العربى، تحتاج إلى مساعدات هذه الدول المالية وإمكاناتها الاستثمارية وأدوارها السياسية إقليميا ودوليا، للخروج من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيرة ومتداخلة. تقدم السعودية ومعها دول الخليج لمصر خيارات مالية وسياسية لا تستطيع الحصول عليها من الأوروبيين والأمريكيين وصندوق النقد الدولى بشروطهم ومطالبهم التى لا تنتهى. هذا إلى جانب أن مصر لا تستطيع الاستغناء عن تنويع مصادر المساعدات التى تحتاج إليها فى هذه اللحظة الحرجة بدلا من تقليص هذه المصادر. التقارب المصرى ــ السعودى إذا حاجة متبادلة، وحاجة ملحة ليس بالنسبة لهما فقط، بل بالنسبة إلى العالم العربى. وهذه مسئولية كبيرة تقع على عاتق كل منهما.
الحياة ــ لندن / خالد الدخيل كاتب وأكاديمى سعودى