شواهد وتوقعات
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الخميس 11 يونيو 2015 - 9:40 ص
بتوقيت القاهرة
شواهد الواقع تدلل على أن الحكم فى مصر لن يتراجع خلال الفترة القادمة عن إماتته للسياسة، وضغطه المتصاعد على منظمات المجتمع المدنى المستقلة، وتهجيره المواطن من المجال العام إن لم يقبل الحضور فى مساحاته مؤيدا للحاكم أو صامتا عن المظالم وانتهاكات الحقوق والحريات، وقمعه للمعارضين.
شواهد الواقع تدلل، ثانيا، على أن الحكم سيواصل توظيف موارده المؤسسية وتحالفاته مع النخب الاقتصادية والمالية فى الداخل، والشبكات الإقليمية والدولية إن لداعميه (الخليج وروسيا والصين) أو للمتعاملين معه بمزيج من الواقعية السياسية والنفاق المرتبط بمعايير قيمية وأخلاقية مزدوجة طلبا للتعاون الأمنى فى مواجهة عصابات الإرهاب وتحديات تفتت الدولة الوطنية فى بلاد العرب وخطر الهجرة غير الشرعية أو رغبة فى عقود توريد السلاح والاستثمارات الاقتصادية المغرية (الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبى كفرنسا وألمانيا) بهدف تثبيت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية فى مصر وربما تحقيق القليل من التقدم فى ملفات تطوير البنى التحتية وتوفير فرص للعمل وتحسين الظروف المعيشية للشرائح السكانية مدقعة الفقر.
شواهد الواقع تدلل، ثالثا، على أن الحكم سيتابع التعويل لجهة تبرير أفعاله وممارساته على:
1) استدعاء مقولات حكم الفرد كسبيل وحيد ﻹنقاذ مصر من «المؤامرات المتكالبة عليها» ومواصلة الترويج للصور النمطية الكلاسيكية للحاكم الفرد كمخلص جاء فى لحظة ضرورة وطنية / بطل منقذ يملك القوة الكافية لحماية البلاد والعباد / قائد حاسم يعرف كل صغيرة وكبيرة عن أحوال الوطن ويحاسب الجميع فى المصالح العامة والخاصة بعين على صالح الناس والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للفقراء ــ وهو بالقطع لا يحاسب.
2) الإعلان المستمر عن إنجازات اقتصادية كبرى فى طريقها للتحقق وعن مشروعات عملاقة يجرى العمل عليها وتوظيف سيطرة الحكم على المجال العام ﻹقناع قطاعات شعبية متنوعة بقرب تحسن الظروف المعيشية بفعل الإنجازات والمشروعات العملاقة وبضرورة تجاهل البحث عن ملامح واضحة للتوجه الاجتماعى للحكم وقبول المقايضات السلطوية ــ الخبز والأمن نظير الحق والحرية.
3) خليط من التوظيف المحافظ للدين عبر المؤسسات الإسلامية والمسيحية الرسمية لتبرير أفعال وممارسات الحكم وإحياء صورة الحاكم المؤيد دينيا ومن إنتاج خطاب «التجديد الدينى» بغية الحد من النظرة الاختزالية للحكم كمنظومة سلطوية وفقط وبهدف الحفاظ على بعض تحالفات المصلحة محليا وإقليميا ودوليا.
4) قوة مؤسسات وأجهزة الدولة التى يسيطر عليها الحكم والاعتماد عليها مع المجال العام المسيطر عليه لجهة الهيمنة على المجتمع وإخضاع المواطن عبر أدوات متنوعة من الوعد بالحماية والعوائد إلى التشويه والتخوين والتعقب والقمع.
5) الإنتاج المتواصل للصور النمطية السلبية عن المعارضة الوطنية المستقلة وعن مجمل الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنية ومنظمات المجتمع المدنى التى ترفض الاستتباع للحكم، ومن ثم القضاء على احتمالية إجابة الناس على سؤال «وما البديل لحكم الفرد؟» بمضامين ترفض السلطوية الجديدة وتنتصر للديمقراطية.
غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.