الحزب الوطنى (الأورديحى)
وائل قنديل
آخر تحديث:
السبت 11 يوليه 2009 - 4:22 م
بتوقيت القاهرة
قامت قيامة الحزب الوطنى والحكومة بعد أن سربت مصادر داخل الحزب، وصفها أمين إعلامه بـ«المتعالمين ببواطن الأمور» أنه تقرر عدم ترشيح أعضاء فوق الخامسة والستين للانتخابات.
وبدت مساحة الانزعاج فى أوساط الحزب، وحجم العصبية فى نفى ما تسرب وكأننا أمام عدوان غاشم على قدس أقداسه، أو أن أحدا طعنه فى شرفه.
ولم أكن أعلم حتى هذه اللحظة أن الاقتراب من أعمار كبار الحزب مسألة فى غاية الحساسية على هذا النحو، كما لم أكن أتصور أن مصر التى هى «بتتقدم بينا» وفقا لأحد شعارات الحزب، يمكن أن تتقدم بطلائع تجاوزت السبعين بمراحل.
وجميل أن يتزامن مع حالة الهلع الحزبى من نشر معلومات عن تحديد أعمار المرشحين بخمسة وستين عاما فقط، صدور تقرير عاجل من مركز معلومات مجلس الوزراء عن ارتفاع متوسط أعمار المصريين إلى 70 عاما تقريبا للرجال، و74 عاما للسيدات، إذن ليست هناك حجة لمن يرفضون أو يندهشون أو يستغربون أو يمصمصون الشفاه، أمام إصرار الحزب على أن تكون طلائع مرشحيه للانتخابات فوق خمسة وستين ربيعا.
ومادام العمر الافتراضى للمواطن المصرى قد ارتفع على هذا النحو «المفاجئ» فيمكننى أن أقترح، دون الوقوع فى خطيئة العيب فى الذات الحزبية، رفع السن المسموح به لترشيح أعضاء الحزب إلى 85 أو 90 سنة، وحتى لا يغضب واحد من خبرات الحزب العتيقة نجعلها بدون حد أقصى، ومن ينجح من هؤلاء الكبار يصبح نائبا مدى الحياة، ومهما جرت من دورات انتخابية بعد ذلك يبقى هو الثابت الوحيد فى اللعبة، وليتنافس المتنافسون من الصغار على مقاعد أخرى.
أما إذا أراد الحزب أن يكون أكثر منطقية مع نفسه واتساقا مع الواقع فيمكن اللجوء إلى حل آخر يعتمد على فكرة الكوتة، وكما قرر البرلمان تخصيص كوتة من 64 مقعدا للنساء فقط، يمكن اللجوء إلى كوتة للرجال والنساء فوق السبعين من 64 مقعدا أخرى، وبذلك تتقدم مصر أسرع وأبعد بحضرات السادة والسيدات الكبار.
ومن الإنصاف القول إن هذه ليست رغبة الحزب الوطنى فقط، بل هى الرغبة ذاتها فى جميع الأحزاب التى تفضل أن يكون زعماؤها دائما من النوع العتيق، إلى الحد الذى يخشى معه أن يطالب البعض فى المستقبل بكوتة للشباب فى الأحزاب والمجالس التشريعية لحماية هذه الفئة من الانقراض، فى إطار الحفاظ على التوازن البيئى، كى لا تفسد الأرض.
غير أن الأمر لا يخلو من تناقض، فحكومة الحزب التى أشعلت حرائق المعاش المبكر فى خارطة العمل المصرية، هى ذاتها التى تنتفض غضبا الآن لأن هناك من ألمح إلى التفكير فى اعتبار سن الخامسة والستين حدا أقصى للترشح فى انتخابات الحزب.
غير أن فى الإبقاء على «عتاقى» الحزب والحكومة مصدر ارتياح لبعض من كتابها الذين «يموءون» على صفحات جرائدها حنينا للوجبات كاملة الدسم الموزعة على المحررين الذين يغطون جلساتها معلنين تذمرهم من هذا الزمن «الأورديحى»، وفقا لنظرية الأستاذ ممتاز القط فى «أخبار اليوم» أمس.