تأمل فى حال الحاسد
نادر بكار
آخر تحديث:
الثلاثاء 11 أغسطس 2015 - 9:15 ص
بتوقيت القاهرة
يسكت عنك الحاسد والحاقد فى حالة واحدة.. لحظة أن يتوقف قلبك عن النبض بالحياة، وحتى فى هذه اللحظة لا تحسبنه منصرفا عنك، إنما النشوة التى تملأ عروقه بهلاكك هى التى خدرت مشاعر الحسد عنده مؤقتا.. سيلتقط أنفاسه ليعاود بعد ذلك النيل منك والحط من شأنك.. حيا كنت أو ميتا سيتلذذ بنقل كل شائعة كاذبة عنك وينتهز كل فرصة لإلصاق التهم بك ويظل قلبه مشتعلا عليك بمقدار ما كان علوك فى الدنيا قاضا لمضجعه ومؤرقا فكره.
الناس متفاوتون فى ذلك طبعا، سواء الحاسد منهم والمحسود.. لكن العبرة واحدة، صعب جدا أن تنتزع ما بقلب الحاسد من حقد عليك.. الهدية، الابتسامة، العفو، التغافل وسائر معانى الإحسان كلها بلا شك ناجع فى سل أحقاد وسخائم الصدور كما أشار بذلك الوحى.. معانٍ تتدرج فى التأثير من مساحة التعامل المباشر بين شخصين (الحاسد والمحسود) حتى تصل إلى تعامل غير مباشر بين المحسود ومجموعة كبيرة من أعدائه.. لكن حديثى ليس متعلقا بذلك.. إننا هو متعلق بتوطين نفسك أنت على اليأس من تبدل موقفه وتغير اعتباراته تجاهك ــ أى الحاسد ــ لمجرد إثباتك بالأدلة القاطعة أنك على خلاف ما يبثه عنك من أكاذيب.
نعم دعاؤك لحاسدك بالهداية نافع.. يكبت الشيطان.. ويوطن النفس على الرقى.. ويجلب الحسنات.. وقد يُستجاب لك بالفعل بهدايته.. لكن المقصود ألا تنشغل بالحاسد والبحث فى أمره عن إدراك غايتك وتحصيل مأمولك.. هو لا يحتاج إلى البرهان على نجاحك، بل كل برهانٍ منك يزيد نار حقده اضطراما وتأججا.. أقعده كسله أو خبث طويته وأقامك جدك واستقامة فطرتك.. طبعا الأمور ليست بهذا الإطلاق، وإلا فالبعض خلط عملا صالحا وآخر سيئا، وليس كل محسود بمستقيم السريرة أو الفعل، لكن القاعدة تصلح لاستثارة عزمك على الانشغال التام عن حاسدك والانكباب فقط على خاصة أمرك.