الأغنية البيولوجية
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
الإثنين 11 أكتوبر 2010 - 10:01 ص
بتوقيت القاهرة
قد يبدو العنوان غريبا عصيا على الفهم لكنه فى الواقع تعبير على حديث يعرف رد فعل الجسد فى مواجهة ما قد يعانيه من إعاقة قاسية تحول دون تواصله مع ما حوله من مظاهر الحياة.
خمس سنوات متصلة قضتها الباحثة الكندية ستيفانى بلين فى أحد مراكز تأهيل الأطفال ذوى الإعاقات الشديدة فى تورنتو تبحث عن وسيلة تمكنهم من التواصل مع ذويهم ومحاولة التعبير عن احتياجاتهم أو مشاعرهم بوسيلة غير تلك التى حرموا منها قسرا وأولها النطق والكلام.
لم تفلح أدواتها المعتمدة على الرسوم البيانية أو الرسوم التى تحمل دلالات خاصة فى تنبيه تلك الأجساد التى ثقلت تحت وطأة العجز والإصابة، ورغم عمليات الرصد القريبة والمستمرة التى أحاطتهم بها فى مواجهة مؤثرات البحث المختلفة لم يتنبه أحد حتى بدأ اليأس يتسلل إلى نفسها. فى النهاية لجأت إلى برنامج معلوماتى يعتمد على قياسات موسيقية تعكس أى اختلاف يصدر من الجسد سجين الإعاقة كارتفاع الحرارة أو زيادة نبض القلب أو التعرق والتى تصدر كرد فعل لإحساسه بما حوله.
تحولت ردود أفعال الجسد الذى أسكنته الإعاقة قناعا من الحديد البارد إلى موسيقى تسمعها الأم التى قضت أيامًا طويلة موحشة تنتظر أى إشارة تعلن عن الحياة فى جسد ابنها المعاق وهى إلى جواره أسير فراشه.
تتراوح تلك النغمات الموسيقية بين نغمات منخفضة هادئة حينما يشعر الإنسان بهدوء النفس والراحة وبين مزيج من النغمات العالية الملونة ربما الصاخبة عندما ينفعل المرء بشىء يعجبه أو يحبه.
عرضت الباحثة نتائج بحثها المدهش فى مؤتمر علمى عقد بمدينة مونتريال تحدثت فيه عن نتائج ما توصلت إليه بمعاونة كل الآباء والأمهات والأصدقاء الذين تمنوا بصدق أن يتواصلوا مع أحبائهم المصابين بما نظنه نحن مواتا بلا رجعة.
لحظة نتوقف فيها أمام جلال العلم حينما يتبنى قضايا القلب ويغفل ولو قليلا أحكام العقل والمنطق إنها بلا شك أغنية فريدة تلك التى تصدر عن جسد تغيب عنه كل مظاهر الحياة وإن ظل الإيقاع البيولوجى فيه حاضرا وبقوة.