الراقصون على أعتاب البرلمان
محمد سعد عبدالحفيظ
آخر تحديث:
الأحد 11 أكتوبر 2015 - 7:45 ص
بتوقيت القاهرة
«طيب الخصال من الصفات الحميدة المتطلبة فى الفرد بصفة عامة، وفى عضو مجلس النواب بصفة خاصة، باعتبار أنه بدون توافر هذه الصفات تختل الأوضاع وتضطرب القيم فى جميع مناحى عمله البرلمانى»، بهذه العبارة أسدلت محكمة القضاء الإدارى الستار على أحد فصول المسرحية العبثية المسماه بـ«الانتخابات البرلمانية».
بطلة الفصل السابق كانت الراقصة سما المصرى، التى أكدت المحكمة فى حيثيات حكم استبعادها من الانتخابات، بعد اطلاع هيئتها الموقرة على مجموعة من مقاطع الفيديو لتلك الراقصة، أنها «أقدمت على مجموعة من التصرفات بما يخرجها عن المسلك القويم والتمسك بحسن الخلق وتوشحها بالحياء اللازم للمرأة».
بعيدا عما قيل عن دور القضاء فى نصب محاكم تفتيش جديدة لتقويم سلوك الراغبين فى ممارسة العمل العام، أو نقد البعض لما اعتبروه «مصلحة تشخيص نظام مصرية» تعمل على «فلترة» المرشحين المتقدمين للانتخابات، فقضاؤنا الشامخ استبعد راقصة تأكل عيشها من «هز وسطها» أمام الجمهور وبشكل علنى، فى وقت «تحزَم» فيه مئات السياسيين الذين قبلت اللجنة العليا للانتخابات أوراقهم، و«هاتك يا رقص»، على كل نغمة تعزفها السلطة التنفيذية، التى من المفترض أن يراقب السادة النواب المحتملون أعمالها تحت القبة.
«أول الرقص حنجلة».. اللواء سامح سيف اليزل الذى يقود قائمة «فى حب مصر»، التى تنافس على كل مقاعد نظام القوائم أدلى بتصريحات لوكالة رويترز للأنباء الخميس الماضى، تنازل فيها طواعية عن صلاحيات نواب تحالفه فى البرلمان المقبل، وأكد فيها أنه «يسعى للحد من السلطات الواسعة التى يتمتع بها البرلمان».
اليزل قال: «لو ادينا للدستور سنة.. سنتين على أقصى تقدير هنشوف فعلا إيه اللى لازم يتعدل... لكن من وجهة نظرى إن فيه بعض المواد يجب أننا ننظر لها بنظرة جدية ونشوف هنعمل فيها إيه».
تصريحات اليزل جزء لا يتجزأ من الحفلة التى أعقبت تصريحات الرئيس السيسى عن «دستور النوايا الحسنة»، والتى ظن البعض أنها انتهت عقب لقاء الرئيس وفد مجلس اللوردات البريطانى مطلع الشهر الحالى والذى أكد خلاله «أن مصر نجحت فى إقرار دستور يُعلى من مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن مجلس النواب سيضطلع بعد تشكيله بترسيخ تلك المبادئ».
رسالة الرئيس لم تصل للواء المخابرات السابق وتعامل معها على اعتبارها «كلام فض مجالس»، أو أنه أراد أن يزايد على موقف السيسى ويقول له «نحن من نعرف مصلحة البلد.. ولن نلتفت للصلاحيات التى منحها الدستور للبرلمان، ولن ننشغل بمواضيع مثل إقالة الوزراء وتعيينهم وتسمية رئيس الوزراء»، الجملة الأخيرة اقتباس من تصريحات اليزل لـ«رويترز»، وأظن أن الرجل أراد أن يترجم بها كلمة الرئيس خلال احتفالات نصر أكتوبر والتى قال فيها «لا يوجد ارتباط بين البرلمان القادم وبين تقديم الحكومة استقالتها».
الحفلة لم تنته بعد «التقيل ورا».. عندما سئل سيادة اللواء العالم ببواطن الأمور عن ماذا سيفعل البرلمان بالقوانين التى أصدرها الرئيس، والتى نص الدستور على ضرورة مناقشتها وإقرارها أو رفضها فى غضون 15 يوما من بدء انعقاده، قال اليزل: «أنا شايف إن هذا مستحيل.. 15 يوما 300 قانون.. صعب.. وأنا وجهة نظرى أننا نوافق على القوانين ثم نناقشها بعد ذلك».. الوافد الجديد من عالم الأجهزة إلى بحر السياسة قرر أن «يسلخ قبل ما يدبح»، «نوافق وبعدين نناقش.. اللهم صلى على النبى».
تمنيت كما تمنى كثيرون ممن شاركوا فى «30 يونيو» أن يصبح أول برلمان بعدها، نسخة مختلفة عن برلمانات مبارك المزورة وبالطبع عن برلمان الإخوان المشوه.. راود الجميع حلم مجلس النواب الذى سيضع المواطن المغلوب على أمره صوب عينيه وهو يقوم بمهامه التشريعية والرقابية، وأن تصبح قاعة المجلس مفرخة لبدائل تصلح أن تقود البلد، لينتهى بنا الحال إلى معركة «انتخابات سرية»، يتنافس فيها «الراقصة والطبال»، و«المخبر والحرامى»، مع بعض الاستثناءات.
محمد سعد عبدالحفيظ
Saadlib75@gmail.com