إعادة تصنيع

غادة عبد العال
غادة عبد العال

آخر تحديث: الخميس 11 نوفمبر 2010 - 11:52 ص بتوقيت القاهرة

 بينما الحياة فى بلدنا تسير بسرعة السلحفاة اللى بنقنع نفسنا دايما إنها هى اللى هتوصل خط النهاية الأول وتكيد الأعادى وأولهم الأرنب اللى عمال يتنطط فى كل حتة ده ما تعرفش ليه، تسير الحياة حولنا مش بسرعة الأرنب وبس لكن أحيانا بسرعة الصاروخ.

ولو عايز تحاول تقيس الفرق مش لازم تكون متعمق علميا أو متابع لآخر التطورات التكنولوجية باستمرار، بالعكس يمكنك بسهولة قياس سرعة تقدم العالم عن طريق تجربتين شديدتى الخصوصية بالنسبة لك ومش محتاجين شهادة علمية معلقة على جدار حجرة الصالون، التجربتان هما استخدام حنفية حمام أى مطار أو فندق بتزوره ورمى القمامة فى الصندوق الخاص بيها وإنت موجود فى إحدى دول العالم الأول أو الثانى أو الثانى بشرطتين، من فضلك إوعى تستهون باللى باقوله، بجد الحاجتين دول من أكتر الحاجات الى بتوريك الدنيا من حوالينا بتجرى إزاى... حنفية الحمام اللى غالبا بتقف قدامها مدة تفكر، دى بأه بتتفتح إزاى إن شاء الله؟

حاجة تكسف لما تحس إنك واقف تتفاوض مع الحنفية عشان تتكرم تنزلك شوية ماية تغسل وشك من تعب السفر، ما هى برضه حاجة تلخبط يا جدعان، يوم تلاقيها بتتفتح بتحريك مقبض والمرة اللى بعدها تلاقيها بقت بضغطة زرار، مرة هتفتحها عن طريق دواسه فى الأرض واللى بعدها هتلاقيها بتشتغل أتوماتيك بمجرد ما تحط إيدك تحتها على طول، مرة هتلاقيها بتشتغل لما تحرك إيدك قدامها وبعدها بأيام هتكتشف إنها بقت بتشتغل بمجرد ما تقف قدام الحوض، آخر مرتين سافرت فيهم اكتشفت إن الحنفيات بتشتغل دلوقتى بالصوت، يا تصقف قدامهم يا تقول «ووتر» وهم يشتغلوا على طول، بالذمة مش حاجة تجنن يا أخى؟ العالم دى فاضية وإلا إيه؟

تانى مشكلة بتقابلك هى صندوق القمامة وتانى تبتدى تحتل مقعدك على طاولة المفاوضات، بيتفتح ده من فوق وإلا من تحت وإلا من الجنب، بدواسة وإلا بباب تزقه وإلا مقبض تسحبه. ده غير الاختراع التانى بتاع «صندوق القمامة متعدد الاختيارات»، تقف قدام صندوق القمامة كأنك فى امتحان تفاضل وتكامل وتحس بحاجة ماسة إنك تغش من اللى جنبك وتلوم نفسك إنك ماجبتش معاك برشام.. كل صندوق قمامة دلوقت بره فيه من 4لـ 6 فتحات، واحدة للبلاستيك مش للزجاج، واحدة للزجاج مش للورق، واحدة للورق مش للبلاستيك ولا الزجاج، وواحدة مكتوب عليها «قمامة بشكل عام». وبما إنك أساسا متربى فى بلد بيعتبر معظم أفراده «صندوق القمامة» ده إحدى الكماليات وبالتالى كل مرة بتستعمله بتحس إنك عملت إنجاز وطنى وبتستنى حد من «مصر النهارده» يطلب يعمل معاك حوار، تيجى بأه تقف قدام الصندوق بتاعهم ده وتتوه، صندوق بـ4 فتحات، ما فيش أسهل من كده، وبرضه مافيش أهم من كده، مين الأهم يكون عنده صندوق زى ده هدفه الأساسى «الريسايكلنج» أو «إعادة التصنيع»؟، دول بتاخد الطبق البلاستيك المكسور وتعيد تصنيعه لطبق أو كرسى أو لعبة أطفال بدل ما تفضل تسحب فى موارد فى يوم من الأيام أكيد هتخلص لأنها لا تتولد من العدم (وهو برضه نفس منطق توفير المياه اللى بيتطلب البحث دايما عن طريقة لفتح الحنفية لا تتسبب فى ضياع المايه بدون داعى).

ده غير إنك بتفعيل «إعادة التصنيع» بتقلل كمية القمامة الناتجة عنك وهو شىء مهم لدول عن طريق تطبيقه أصبحت نضيفة بشكل يغيظ بينما بنعيش إحنا فى سلام شامل مع أكوام القمامة فى بلدنا اللى فى يوم من الأيام هتزحف وتغطينا وإحنا لسه بنبص عليهم ونضحك ونستهزئ ونتساءل: فاضيين دول والا إيه؟ عشان تتقدم خطوة اكتشفت إنك مش لازم تكون مخترع عبقرى وإلا لازم تكون مفكر جبار، يجب عليك بس إنك تحدد المشكلة وتشوفلها أسهل الحلول.

ومن بين مشاكلنا الكتيرة ما حدش يقدر ينكر إن عندنا مشكلة متعلقة بالقمامة جاية وراها فى الأتوبيس الجاى مشكلة كبيرة متعلقة بالمياه، يمكن صعب نعمم موضوع الحنفية اللى بتشتغل بالصوت، لكن ليه ما نجربش الصندوق أبو 4 فتحات؟ على الأقل فى المدارس يمكن الجيل الجاى يبقى عنده فرصة يعيش من غير ما يصاحب كوم زبالة ومن غير ما يضطر يشرب م البحر ،الأمل فى الجيل الجاى بالتأكيد لأن الكلام ده ما أعتقدش ممكن يحصل بين الناس دلوقت لأن المشكلة مش بس حنفية ولا صندوق، العقول والسلوكيات نفسها هى اللى محتاجة إعادة تصنيع.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved