تغيير سياسات الهند في الشرق الأوسط

قضايا إستراتيجية
قضايا إستراتيجية

آخر تحديث: الإثنين 11 ديسمبر 2023 - 6:30 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Eurasia Review مقالا لمدير معهد دراسات جنوب آسيا، رجا موهان، تحدث فيه عن الأسباب التى دفعت الهند إلى تغيير سياساتها تجاه الشرق الأوسط... نعرض من المقال ما يلى.
يعد التقارب المتزايد بين الهند والولايات المتحدة فى وجهات نظرهما بشأن الشرق الأوسط إحدى النتائج الرئيسية لاجتماع «اثنين زائد اثنين» المنعقد فى 10 نوفمبر الماضى بنيودلهى. إذ كان وزيرا دفاع وخارجية البلدين واضحين فى إدانة عملية حماس، والتأكيد على حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس مع مراعاة قوانين الحرب الدولية، والدعوة إلى هدنة إنسانية، والمطالبة بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس والضغط من أجل سلام دائم بين الجانبين الإسرائيلى والفلسطينى.
لكن فى الماضى، لم تكن الهند راغبة فى إدانة الهجمات الفلسطينية ضد إسرائيل حتى فى الوقت الذى كانت تسعى فيه نيودلهى للحصول على الدعم العالمى ضد الاعتداءات الباكستانية عبر حدودهما، إلا أنها أنهت هذا المعيار المزدوج خلال الحرب الحالية فى غزة، مع التأكيد على التزامها القوى بإقامة الدولة الفلسطينية. فى اجتماع «اثنين زائد اثنين»، قال وزير الشئون الخارجية الهندى، إس جايشانكار: «لن تكون لدينا أى مصداقية إذا قلنا إنه عندما يصيبنا الإرهاب، فإن الأمر خطير للغاية؛ وعندما يحدث ذلك لشخص آخر، فهو ليس خطيرا».
• • •
الاجتماع المشترك السنوى لوزيرى الدفاع والخارجية من الجانبين، والذى يعقد كل عام منذ عام 2018، يعتبر الوسيلة الرئيسية لمراجعة الشراكة الاستراتيجية بين الهند والولايات المتحدة.
كان التعاون فى قضايا الأمن الآسيوى عنصرا جديدا فى المشاركة بين البلدين، ووفر ركيزة إقليمية متينة للتعاون الثنائى، بينما فى السنوات الأولى بعد استقلال الهند، وضعت السياسة الخارجية الهندية نفسها فى مواجهة الولايات المتحدة فى آسيا، خاصة فيما يتصل بقضايا الأمن الإقليمى. فى السنوات الأخيرة فقط، أدى قلق الهند بشأن الهيمنة الأمريكية فى آسيا إلى قدر أعظم من المشاركة والتعاون. كان السبب الرئيسى وراء التغيير فى الهند هو إصرار الصين على استبدال الولايات المتحدة كزعيم مهيمن فى آسيا.
فى عام 2017 تحديدا، حدث تحول كبير فى نهج الهند فى التعامل مع الصين. وبعيدا عن التفضيل القديم لعدم الانحياز، تقدمت نيودلهى نحو تعميق العلاقات العسكرية مع واشنطن. وتضمنت الخطوات الهندية الجديدة رفع حوار «اثنين زائد اثنين» إلى المستوى الوزارى فى عام 2018، واحتضان البناء الجيوسياسى لمنطقة المحيطين الهندى والهادئ، وإحياء الحوار الأمنى الرباعى، المعروف أيضا باسم كواد (Quad)، وهو حوار استراتيجى غير رسمى بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند.
أما فى قمة مجموعة العشرين فى سبتمبر الماضى، فكشفت الهند، إلى جانب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، عن طموحها لبناء ممر اقتصادى بين شبه القارة الهندية وأوروبا. وشهد حوار «2+2» الأخير مزيدا من التقدم فى التعاون الهندى الأمريكى فى الشرق الأوسط. إذ رحب البيان المشترك، الذى صدر فى نهاية المباحثات، «بالعضوية الكاملة للهند فى القوات البحرية المشتركة المتعددة الجنسيات، ومقرها البحرين». قررت الهند أن تصبح عضوا كامل العضوية فى قوات البحرية المشتركة (CMF) المكونة من 38 دولة والتى تعمل فى مياه بحر العرب والقرن الأفريقى، تسعى بهذه الخطوة إلى حماية الأمن البحرى. كان قرار الهند فى البداية بالبقاء بعيدا عن القوات البحرية المشتركة طوال هذه السنوات مبنيا على دافع متأصل للعمل بشكل أحادى وليس ضمن تحالف، كما كانت عضوية باكستان فى القوات البحرية المشتركة أيضا بمثابة مثبط لعضوية التحالف.
يمكن القول فى النهاية إن هناك ارتياحا متزايدا فى الهند من وجود الولايات المتحدة فى المناطق المجاورة، كما بدأت تقدر المخاطر الهائلة التى تشكلها منطقة الشرق الأوسط على أمنها الإقليمى، مما عكس بعض التغييرات فى سياستها تمثل فى مشاركة الهند لأول مرة فى مناورة النجم الساطع المتعددة الجنسيات فى مصر فى سبتمبر الماضى، وشاركت أكثر من 30 دولة، بما فى ذلك باكستان، فى هذه المناورة.
كلمة أخيرة، تتطلع الهند إلى ما هو أبعد من باكستان والتقارب مع الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، هى تسعى إلى تعزيز شراكاتها الثنائية المستقلة مع الدول الرئيسية فى المنطقة، إذ تأمل أن تساعد مشاركتها الثنائية والمصغرة والمتعددة الأطراف فى رفع مكانة الهند وتوسيع دورها فى الشرق الأوسط.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف
النص الأصلي

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved