من أجل معارضة قوية.. مبادرة وأمل

إبراهيم يسري
إبراهيم يسري

آخر تحديث: السبت 12 يناير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

وسط أخطار داهمة تهدد كيان الدولة العريقة بالفوضى والإفلاس وتكاد تضمها للدول الفاشلة اجتاز المشهد السياسى بنجاح وآلام شديدة فترة التوترات البدائية والملاسنات والاتهامات غير المقبولة، واستبعدت أخيرا منهجية المظاهرات والاعتصامات والبلطجة وتسييس قضائنا الشامخ وتشجيع التمرد داخل صفوفه  كوسيلة لإسقاط الحكم أو الضغط على النظام، وهو ما أكده إعلامى معارض بارز فى صحيفته منذ أيام وأصبح المتنافسون يتجهون الى تنظيم صفوفهم استعدادا لخوض انتخابات مجلس النواب القادمة، وتراوح هذا التنظيم بين جبهات موحدة أو تفاهمات للتنسيق بين قوى سياسية أو على الأقل التوصل الى هدنة لوقف الصراع الأيديولوجى بينها وتوجيه كل نشاطها ضد الحزب الحاكم.

 

وفى كل الأحوال يعتبر ذلك التوجه من المعارضة بادرة إيجابية تؤكد جديتها وتصميمنا على بناء دولة القانون الديموقراطية الاولى فى المنطقة العربية بعد ان قمع بلادنا حكم العسكر وطغيان الحكم الدكتاتورى مما عزز الفساد وعوق مسيرة التنمية وكرس الفقر والضعف لدى شعوبنا، وهكذا ننتج أولى ثمار الربيع العربى فى مصر انتظارا ودعما لربيع شعبنا العربى فى كل مكان.

 

•••

 

غير أن الطريق إلى ذلك الهدف ليس مفروشا بالورود فأمامنا سلبيات صعبة ينبغى أن نتجاوزها منها ترشيد مؤسسة الرئاسة والحزب الحاكم والبرلمان والوزارة والحكم المحلى، ذلك أنه صعد الى سدة الحكم مفتقدا الكوادر السياسية والفنية اللازمة مما أسفر عن تراجعات فى الخطى وغموض فى المسار، ومن العلامات الإيجابية هنا أن عددا من المسئولين فى النظام استجاب لمسؤوليات منصبه وبدأ يمارسها عن خبرة تراكمية إلا أن استكمال الكوادر السياسية والفنية للسلطة سيظل فى حاجة إلى المزيد من الوقت والجهد.

 

ولا يخلو جانب المعارضة من السلبيات والصراعات الجانبية والتسابق على مراكز السيطرة والزعامة. فقد عادت الى منهجية الجبهات دون اعتبار لحقيقة بارزة تصدرت المواقف السياسية فى كل مراحل العمل الوطنى وهو أن أى جبهة قامت لم تسجل اى نجاح ملموس ولا تكاد تقوم حتى تتلاشى لأنها تقوم على اتفاق الرموز دون قواعدهم ورغم اختلاف توجهاتهم، وبالتوازى مع ذلك هبت فصائل أخرى للتنسيق فيما بينها أو تشكيل اتحادات أو جبهات أخرى.

 

•••

 

ولأن كل مصرى مخلص يدعم بكل قواه مسارين نحو دولة القانون الديموقراطية بعد ان اجتزنا بنجاح ثلاث انتخابات رئاسية وبرلمانية واستفتاء الدستور بلا مزاعم موثقة بتزويرها، فانه يهمنا بشكل قاطع اجتياز معركة برلمانية جادة تسفر عن معارضة قوية تمهد للرقابة على الحكومة وتدعم استقلال القضاء وتقلص من سلطات رئيس الجمهورية وتؤدى بنا الى الفصل بين السلطات وعدم تغول إحداها على الأخرى، فإن العبد الضعيف يدعو للتنسيق فى الانتخابات القادمة بين المناضلين الذين عركوا النضال السياسى وقادوا قواعدهم فى نضال وطنى جسور ضد الطغيان والفساد، وألا يعولوا كثيرا على من هبطوا علينا من علياء مناصبهم وأحزابهم الديكورية التى تفتقد القواعد الشعبية المنظمة متسلقين جماهيرية تيار شعبى مناضل، وأملى ان يتواصل التيار الشعبى ومصر القوية وحزب الوسط برموزهم مع المناضلين أمثال محمد سليم العوا وابو العز الحريرى وعبد الغفار شكر وعبد الجليل مصطفى ويحى عبدالهادى وعبد الخالق فاروق ومحمد أبو الغار وعلاء الأسوانى وحمدى قنديل وخالد على والكثيرين من أمثالهم من أجل تنشيط وتوعية قواعدهم فى الانتخابات وتنسيق مواقفهم داخل مجلس النواب بعيدا عن سلبيات الانسحاب والمقاطعة والملاسنة وحشد الميادين.

 

•••

 

هل لنا أن نعض بالنواجز على هذه الفرصة التى واتتنا لأول مرة فى تاريخنا وألا نتسبب فى إفلاتها من أيدينا لنبدأ من جديد مسيرة عشرات السنين فى فقر وجهل ومرض وبطالة فى دولة فاشلة؟ أملى كبير فى رؤى مناضلينا وفى كسب مساحة مرموقة فى البرلمان كأغلبية أو معارضة قوية فاعلة حتى ننطلق فى التنمية والإصلاح وممارسة دورنا العربى واستعادة وزننا الدولى ومواجهة مخاطر السطو على حصتنا من مياه النيل وحقول غازنا فى المتوسط. الصورة قاتمة ولكنى متفائل.

 

 

 

محام ومحكم دولى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved