الدستور المصرى


ياسمين الرشيدى

آخر تحديث: السبت 12 يناير 2013 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

كتبت ياسمين الرشيدى المحررة فى مجلة «ثقافة وفنون الشرق الأوسط» ومؤلفة كتاب «معركة من أجل مصر» مقالا مطولا فى مجلة «The New York Review Of Books» جاء فيه: فى خضم ما شهدته الحياة السياسية المصرية من حالة تخبط وارتباك سياسى غير مسبوق عشية الاستفتاء على عملية الدستور وتمريره بنسبة 63.8%، وما صاحبه من تبادل اتهامات بين مختلف التيارات السياسية ورفض الحوار. وتشير الكاتبة فى مستهل المقال الى مدى حالة التعقيد التى وصلت اليها الحياة السياسية المصرية عقب الاستفتاء على الدستور المصرى، والذى قام بوضعه مجموعة مما اعتبرته ياسيمين «حلفاء الرئيس السياسيين». ومع ذلك، انقسمت الجموع المصرية بين مؤيد له أملا فى تحقيق الاستقرار حتى ولو دفع ثمنه ديكتاتورية جديدة، وبين رافض له وهؤلاء نفد صبرهم جراء تصرفات القيادة السياسية الجديدة.

 

•••

 

وأضافت أن تفسير سياق الاحداث التى تشهدها مصر لا يمكن فصله عن ملابسات ترشيح الرئيس المصرى محمد مرسى، التى تتمثل فى حقيقة انه المرشح الاحتياطى لخيرت الشاطر، وعن الاعلان الدستورى الصادر من المجلس العسكرى الذى منح لنفسه سلطات مطلقة خشية هيمنة الاسلاميين وتقليص سلطة الرئاسة، وفى سياق هذه التناقضات سعى الرئيس لإخضاع جميع السلطات فى يده.

 

وبالتزامن، منح الرئيس لنفسه سلطات دستورية كاسحة فى اطار اعلان دستورى مكمل فى 22 نوفمبر ظنا أن هذه الخطوة ستساعد على تأمين المرحلة الانتقالية ضد السلطة القضائية التابعة للنظام السابق وقوى سياسية متواطئة ضده. والأمر المثير للدهشة ان الاعلان الدستورى صدر بعد يوم واحد من الثناء الدولى على جهود الرئيس المصرى للتوصل الى وقف اطلاق النار بين حماس واسرائيل، وقد وصفه خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحركة حماس الرئيس مرسى بأنه «مسلم حقيقى وقائد عربى»، بينما أثنت كلينتون على قيادته الشخصية. واستكملت الكاتبة قائلة انه بصدور الاعلان الدستورى قبل أيام قليلة من موعد اصدار المحكمة الدستورية على شرعية مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، حيث بدا أن الرئيس فى حالة ارتباك مستبقا للاحداث وذلك باتخاذ جميع الاحتيطات الوقائية. وبالتوازى، اعتبر مجلس القضاء الاعلى هذا الاعلان بمثابة «اعتداء غير مسبوق» هكذا أثار الاعلان غضب الجميع وخرجت مظاهرات عارمة احتجاجا على هذا الاعلان الذى منح لنفسه سلطات لم يمنحها مبارك لنفسه لاسيما حيال نص المادة التى نوهت بأنه لا توجد أية هيئة قضائية بإمكانها حل مجلس الشورى أو الجمعية التاسيسية.

 

وتطرقت الكاتبة الى التكهنات حول ما قد يفضى اليه هذا الاعلان، حيث رجح البعض احتمال تدخل عسكرى للاطاحة بمرسى، بيد أن الرئيس اعلن طرح مسودة الدستور فى غضون اسبوعين، وهو ما شجع الجمعية التأسيسية لإتمام كتابة الدستور قبل حلها من قبل المحكمة الدستورية. الى جانب ذلك، قام بعض الاسلاميين بمحاصرة مقار المحكمة الدستورية عشية اعلان الحكم ومنع القضاة من دخول مقر المحكمة وممارسة مهامهم، وقاموا أيضا بمحاصرة مدينة الانتاج الاعلامى والادهى ان بعضهم وضع قائمة لبعض المذيعين ووضعوا قائمة اغتيالات لبعض الشخصيات البارزة على رأسهم مرشحا الرئاسة السابقان محمد البرادعى وعمرو موسى.

 

•••

 

انتقدت ياسمين الدستور الحالى نظرا لكون بعض نصوصه اتخذت كما هى من دستور عام 1971، كما أن الدستور الحالى يجمع بين طياته نصوصا غامضة تحتاج الى تفسير. وتتطرق تفصيليا لبعض هذه النصوص الغامضة منها اضافة مرجعية الأزهر للمادة الثانية لتفسير الشريعة وغياب ضمانات حقيقية خاصة للعمال وحرية المرأة والأحرى ان النصوص التى تتضمن حماية حقوق الانسان لم تتوافر لها ضمانات، والنصوص المتعلقة بحماية «الطبيعة الحقيقية» للعائلة المصرية وتعزيز قيمها ومبادئها لمنحها مما قد ينذر بفرض مزيد من الرقابة على الكتب والافلام والوسائط الاعلامية. وكذلك النص على عروبة الدولة وانتمائها للعالم الاسلامى خشية ان يكون الغرض الرئيسى منها هو انشاء خلافة اسلامية. ونص الدستور أيضا على تقليص أعضاء المحكمة الدستورية العليا من 19 الى 11 عضوا وكأنها فصلت للتخلص من اشخاص بذواتهم منهم تهانى الجبالى التى سبق ان عينها الرئيس السابق مبارك. ومنح الدستور القوات المسلحة سلطات مطلقة فى اطار الرقابة والمحاسبة وحماية امتيازاتهم الاقتصادية.

 

•••

 

من ناحية أخرى، ترى ياسمين ان الانقسام السياسى الذى نتج عن الدستور لم يسهم فقط فى احداث أزمة ثقة بل ايضا بداية للاحتقان الطائفى والمدنى فهو ليس صراعا بين الاسلاميين والمدنيين بل انه صراع الاخوان ضد معارضة تضم جميع اطياف الشعب المصرى. ومن المرجح ان يبدأ الرئيس مرسى فى الشهور القادمة بمخاطبة الشعب وليس المعارضة، حيث غدت شعبيته على المحك نظرا لاعتبار الكثير بأنه خاضع لارادة جماعته.

 

•••

 

ختاما، انتقلت ياسمين للمصاعب الاقتصادية المصرية المتفاقمة، نتيجة تضاؤل حجم الاحتياطى وانخفاض معدلات السياحة وكذلك تأجيل المفاوضات مع صندوق النقد الدولى بشأن قرض بنحو 4.8 مليار دولار أكثر من مرة، لذلك وعندما قام مرسى بفرض ضرائب جديدة اثناء أزمة الاعلان الدستورى، تم إلغاؤها بعد اعلانها بساعات قليلة، لذلك يبدو ان الحكومة فى مأزق لاسيما ان الناس ضاقت ذرعا من تكلفة المعيشة، وارتفاع معدلات الجريمة والسرقة. وترى ياسمين أنه مع تراجع قيمة الجنية بحدة وفرض مزيد من اجراءات، سيثور الشعب ولكن هذه المرة لن تكون سلمية حيث سيطالب هذه المرة بالحصول على الغذاء وليس التغيير.

 

 

 

للاطلاع على المقال كاملا برجاء زيارة الرابط التالى:

 

www.nybooks.com/blogs/nyrblog/2013/jan/03/egypt-whose-constitution/

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved