كرتنا الجميلة.. الميتة!
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
الخميس 12 مارس 2009 - 5:23 م
بتوقيت القاهرة
سألنى صباح أمس شاب سؤالا ليس بريئا: هل شاهدت مباراة برشلونة وليون؟
لم أكن شاهدت المباراة، لكنى فهمت المغزى من سؤاله، فأجبته موحيا بأنى شاهدتها دون أن أشاهدها فعلا: إنهم يلعبون كرة قدم.. مش كده؟! أقسم الشاب الذى طرح سؤاله غير البرىء قائلا: «والله العظيم أنا مش عارف إحنا بنلعب إيه»؟!
كانت الإجابة إنهم يلعبون كرة قدم، موحية وكافية ومقنعة، بأنى تابعت المباراة دون الدخول فى تفاصيلها، فلم يسألنى الشاب عن هدف جميل أو لعبة مشكوك فى صحتها طالبا رأيى، خاصة أن كثيرا من القراء يحدثونا فى تفاصيل كل مباراة، ظنا منهم أن حياتنا تدور حول الكرة كما تدور الكرة الأرضية حول الشمس، فلا معنى للأرض بلا شمس، ولا معنى لحياتنا بلا كرة، وهناك ملايين المصريين الآن يحفظون أسماء لاعبى فريق برشلونة، ولايذكرون أسماء فرقهم المصرية التى ينتمون إليها وبعضهم هجر الدورى المصرى ولم يعد يراه أو يتابعه مفضلا كرة القدم الحقيقية!
الفكرة أن حالة الكرة الجيدة فى مصر نادرة، فقد تراها من جانب الأهلى فى بطولة أو من الإسماعيلى فى مباراة أو من المنتخب فى كأس الأمم الأفريقية، لكنها ليست الحالة الدائمة، فنحن نلعب الكرة لأنها وظيفة ومصدر رزق وواجب مدرسى، بينما يلعبونها من أجل المتعة والإمتاع، ويحترمون هذا المشاهد الذى تحمل عناء التوجه إلى الملعب ومسددا ثمن التذكرة، وهم فى هذا العالم الآخر يلعبون الكرة من أجل الفوز كلهم يلعبونها من أجله، بينما يفسد كرتنا هؤلاء الذين يمارسونها خوفا من الهزيمة، وهؤلاء الذين يمارسونها حرصا على عدم الخسارة، وهؤلاء الذين يمارسونها عجزا عن تحقيق الفوز!
عندما نشيد بفريق أو مدرب أو لاعب، وحين نرى مباراة قوية وجميلة فإننى أرجو من حضراتكم عدم الأخذ بهذا التقدير فى سياقه الدولى أو الأوروبى، لأن القياس فى تلك الحالة بما نحن فيه، وبما يجرى حولنا، وليس بما يجب أن نكون فيه، أو مقارنة بما يجرى فى ملاعب الكرة الأوروبية.. فالقوة والجمال والحلاوة التى تقرأها من الصحفيين وتلك الهتافات والصيحات التى تسمعها من المعلقين، هى أكبر عملية تحلية بضاعة فى التاريخ.. أعترف بذلك، فطوال تلك الأعوام نكتب ونقول ونهتف بحلاوة وجمال مباراة محلية، وحين نتابع كأس العالم أو نشاهد بطولة كبيرة، نخجل من الحلاوة والجمال والمتعة والروعة التى نصف بها كرتنا الميتة والبطيئة والمملة!