1980 وانت طالع.. عرض يستحق المشاهدة!
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الخميس 12 مارس 2015 - 8:30 ص
بتوقيت القاهرة
ذهبت إلى العرض المسرحى «1980 وانت طالع» بحزمة مشاعرى وأفكارى وكلماتى المعتادة هذه الأيام ــ الحزن والألم بسبب ضحايا انتهاكات الحقوق والحريات المتراكمة وضحايا أعمال الإرهاب والعنف، العزوف عن نقاشات عامة لم يعد بها إلا الرأى الواحد والصوت الواحد وحشد التأييد لمنظومة الحكم / السلطة وعن وسائل إعلام تستخف بعقول الناس وتغيب الحقائق والمعلومات وتزيف وعيهم لتبرير الانتهاكات وتمرير بناء السلطوية الجديدة فى مصر وهيمنة مراكز النفوذ داخل مؤسسات وأجهزة الدولة وشبكات المصالح الاقتصادية والمالية على صناعة السياسات العامة وتهجيرنا جميعا بعيدا عن التعبير الحر عن الرأى والمشاركة الفعالة، الطرح المتكرر لأسئلة تصعب الإجابة القاطعة عليها مثل هل مازال لدى البعض بيننا الإصرار على الانتصار للديمقراطية والحقوق والحريات وعلى المزج بينها وبين العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة أم أن الأصوات والمجموعات المتعاطفة مع هذه المطالب بين الشباب والطلاب والعمال وقطاعات أخرى تنحسر وتتراجع؟ وإذا كانوا مازالوا هناك وإصرارهم مازال حاضرا هل يستطيعون إنقاذنا من السلطوية الجديدة والتضامن فى مواجهة الإجرام الإرهابى واستعادة السلم الأهلى لمجتمع تدميه هيستيريا الانتقام والعقاب الجماعى والانتهاكات التى تتورط بها الأجهزة الأمنية كما يدميه التبرير الفاسد للإرهاب وللعنف من مروجى الانتقام المضاد؟ وكيف تستطيع أصوات الديمقراطية القليلة المتبقية فى الحياة العامة الاقتراب من هؤلاء الشباب والطلاب والعمال وغيرهم وأدوات تواصلنا باتت شديدة المحدودية؟
ذهبت إلى «1980 وانت طالع»، ﻷتابع ما يقرب من 100 دقيقة من الإبداع محملة بنقد اجتماعى جرىء يصيغه باستقلالية وحيوية الشباب والطلاب من المشاركين الرائعين فى العرض المسرحى ومن الحضور الشبابى الكاسح على مقاعد المتفرجين، نقد اجتماعى يسلط الضوء على تناقضات الأجيال العمرية الأكبر ــ أجيال الأمهات والآباء ــ فى الحياة الخاصة التى يمارسون فيها أبوية تلغى حرية الأبناء فى الاختيار وفى الشأن العام الذى مازال الكبار يبحثون عن «البطل المنقذ» لتوليه بدلا من طلب المشاركة الفعالة ومحاسبة المسئولين منتخبين أو معينين. بل إن النقد الاجتماعى لا يخجل هنا من تناول أزمات المساواة بين المرأة والرجل فى الأجيال الشبابية التى يتوارث البعض فى أوساطها القيم الأبوية بتمييزها ضد النساء.
وحضر أيضا بوضوح النقد السياسى لأوضاعنا المصرية بعد سنوات على ثورة طلبت الديمقراطية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية وعجزت عن ترجمة هذه المبادئ العظيمة والأهداف الكبرى إلى واقع معاش للمواطن وللمجتمع وللدولة، بل ويتابع اليوم الشباب والطلاب والعمال الذين تحملوا أكثر من غيرهم عبء التضحية من أجل الحقوق والحريات والمستقبل الأفضل سلطوية برداء جديد تطلب منهم الصمت والاستكانة وقبول التهجير من المجال العام وتأييد منظومة الحكم / السلطة على الرغم من غياب سيادة القانون وتراكم الانتهاكات أو على الأقل الامتثال لإرادتها والامتناع عن المعارضة، وإلا واجهوا القمع والقيود والعقوبات السالبة للحرية.
وبالقطع، لم يتجاهل النقد السياسى الذى يقدمه العرض المسرحى «1980 وانت طالع» بصراحة راقية لا مبررى السلطوية والانتهاكات من المسيطرين على النقاشات العامة ووسائل الإعلام اليوم، ولا مبررى الإرهاب والعنف والانتقام المضاد الذين يدعون الانتماء لأفكار ديمقراطية هى منهم براء أو لمطالب الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية التى أراد بها الشباب والطلاب والعمال أن يغيروا وجه الوطن للأفضل لا أن يسقطوه فى دوائر العنف والعنف المضاد العبثية.
خرجت من العرض بحزن أقل، وألم تخف وطأته، وبانبهار بإبداع شباب يعوضهم الدعم المعنوى بالحضور الجماهيرى الكبير عن غياب الدعم المادى، وبقناعة أن طلب الحرية أبدا لم يتراجع وأن للحركة الديمقراطية فى مصر ظهيرا شعبيا حقيقيا يواصل الاتساع. فقط، خرجت ولم تتبدل كلماتى.
غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.