العسكرة هى الحل
وائل قنديل
آخر تحديث:
الخميس 12 مايو 2011 - 8:37 ص
بتوقيت القاهرة
أكثر السيناريوهات كابوسية وقتامة أن تستمر حالة الانفلات الطائفى، عبر تكرار لحادث إمبابة هنا وهناك، بحيث يطغى هاجس الأمن على أحلام السياسة، ونفاجأ بأن بطن البلد مفتوح مع حلول موعد الانتخابات البرلمانية فيكون الحل فى تلك اللحظة البائسة أن نلوذ بالطوارئ والأحكام العرفية.
ساعتها سوف نرتد إلى شعارات قديمة من نوعية «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة» وبالتالى نعيش فى حضانة الطوارئ، ونجمد الحياة المدنية فى فريزر الخوف لفترة لا يعلم أحد مداها، بحجة أن عدوا شريرا اسمه الفتنة الطائفية يتربص بالبلاد والعباد.
لكن المدهش فى الأمر أنه كلما تحدث المجلس العسكرى مشددا على مدنية الدولة، تجد فى أوساط النخبة والإعلاميين من يدفع الأمور بقوة وإلحاح مستفز ناحية «العسكرة» بما يعطى إيحاء بأن المجلس العسكرى الأعلى أكثر مدنية من المدنيين أنفسهم.
وكان مثيرا للانتباه أن تتكرر عبارة «الأيدى المرتعشة» فى كتابات طفحت على صفحات الجرائد الحكومية طوال الأسبوع المنصرم، وكأن هناك مايسترو قام بتوزيع النوتة على مجموع من العازفين لأدائها فى توقيت واحد، وبالتدقيق فى تفاصيل هذا اللحن تلمس أن المقصود فى النهاية الوصول إلى نتيجة مفادها أن الحكومة المدنية التى يرأسها مدنى جاء من قلب الثورة اسمه عصام شرف لا تحكم قبضتها جيدا، ومن ثم فالحل أن نتخلص من الأيدى المرتعشة، والبديل معروف بالطبع.. أن يترجل المدنيون المرتعشون ويصعد أصحاب القبضة الحديدية.
والظاهر من أحاديث وكتابات «الرعشة» أن أصحابها يحملون من طرف خفى حكومة عصام شرف مسئولية الاحتقان الطائفى، وكأنها تتولى شئون البلاد منذ 67 شهرا، رغم أن عمرها لا يتجاوز 67 يوما، بما يبدو معه وكأن هناك عملية استهداف منظمة لحكومة شرف.
غير أن هذا لا يعنى أنه لا يوجد ارتباك وأخطاء ملحوظة فى أداء الحكومة الحالية، لأسباب يتعلق بعضها ببنيتها وتشكيلتها، والبعض الآخر يرجع إلى ما أشار إليه الأستاذ هيكل فى تحليله المنشور بالأهرام أمس الأول من غياب «ضابط إيقاع ينظم الأداء السياسى».
وبنص عبارة هيكل فإن «القرار هناك فى مجلس أعلى للقوات المسلحة موثوق فيه لكنه يدير دون أن يظهر وتنفيذ القرار هناك فى مجلس وزراء، وفيه عدد من الرجال المحترمين، لكن هذا المجلس يظهر دون أن يدير ثم إن قوى الإجبار فى الدولة وهى ركيزة أى استقرار ونظام حسم، معلقة على بوليس هو حاليا لا يقدر وعلى قوات مسلحة هى بالحق غير مختصة».
إننا نريد أن نصدق المجلس العسكرى حين يعلن بوضوح أنه مع مصر مدنية، لا دينية ولا عسكرية، لكن بيننا للأسف من يريد أن يأخذنا إلى «العسكرة» بمنتهى الاندفاع والحماس، ليس حبا فى «العسكرة» وإنما لأن بعضهم لا يزال رافضا لتقبل أمر واقع يقول إن فى مصر حكومة على رأسها مواطن جاء بشرعية الثورة.. إنها عقدة ميدان التحرير لا تزال تؤرق نفرا من «عسكر الصحافة المصرية».