رقصة الأولاد
حسن المستكاوي
آخر تحديث:
السبت 12 يونيو 2010 - 3:26 م
بتوقيت القاهرة
أجمل ما فى مباراة جنوب إفريقيا والمكسيك، لم يكن داخل المستطيل الأخضر، وإنما قبله. وهو تلك الرقصة والأغنية التى رددها فريق الأولاد أثناء النزول إلى أرض الملعب. ومن المعروف أن الفرق الإفريقية تواجه لحظات الضغط النفسى الرهيب بالرقص والموسيقى. والرقص لغة أهل القارة منذ القدم.. وقبل أن يعرف الإنسان كرة القدم. وقال لى ذات مرة الفرنسى باتريس نوفو مدرب الإسماعيلى الأسبق إنه مارس التدريب فى قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا.
ووجد أن لاعبى الصين مثلا يواجهون الضغط النفسى قبل المباريات الصعبة بالكلام المتواصل، فهم بهذا التواصل يخففون من وطأة الضغط ويتحدون ويتوحدون فى مواجهة الخطر.. بينما فى أفريقيا يرقص اللاعبون ويضحكون، كأنهم فى الطريق إلى نزهة. بينما يرسم الأوروبيون علامات التركيز الشديد قبل المباريات، وهم يصمتون، ويبدون فى غاية الغضب، وعندما ينتهون من اللعب يبدأون المرح واللعب. فهم يلعبون بجد.. أما فى بلاد العرب، فاللاعبون يواجهون لحظات الضغط بالصلاة الجماعية، وهى توحدهم وتجعلهم يشعرون بالتكاتف والاتحاد..
انتهى كلام باتريس نوفو.. ولن أسألكم كيف تواجهون الضغوط، فكلما دخلت فى حوار من باب الهزار، وجدت تعليقات تنطق بجدية وتحمل الموضوع أكبر بكثير مما يستحق أن يتحمل.. كما حدث فى أمر السؤال عن تضحية المشجعين من أجل الفوز بكأس العالم.. «هو فيه إيه»؟!
المهم أن المباراة كشفت عن تطور كبير طرأ على منتخب جنوب إفريقيا، فالفريق المكسيكى ليس سهلا، وكان بمقدوره إنهاء اللقاء فى الشوط الأول، فيما لجأ منتخب جنوب أفريقيا إلى الهجوم المضاد فى الشوط الثانى واقترب كثيرا من مرمى المكسيك التى ستعانى من عقدة إفريقية، ففى مونديال 1978 بالأرجنتين خسرت أمام تونس 1/3، وفى ألمانيا عام 2006 تعادلت مع أنجولا صفر/ صفر.. ثم إن الفريق الأرجنتينى لعب خمس مباريات افتتاح وخسر فى ثلاث وتعادل فى مباراتين.. ولم يكسر منتخب جنوب إفريقيا قاعدة أن الدولة المضيفة لا تخسر فى الافتتاح، فهل ينجح فى الصعود إلى الدور التالى كما نجحت منتخبات الدول المنظمة منذ عام 1930 أم سيكون هناك كلام آخر؟!
شهر من البهجة تعيشها شعوب الكرة الأرضية فى جنوب إفريقيا.. الناس هناك من أجل كرة القدم، وفى رحلة ترويح من الهموم والمشاكل والخلافات.. ففى كوكبنا لغتين لا يختلف عليهما اثنان.. الموسيقى وكرة القدم.. وقد كان حفل افتتاح المونديال معبرا عن الثقافة الإفريقية ومحتفيا بالقارة وبشعوبها.
لم ينس رئيس جنوب إفريقيا قبل مباراة الافتتاح أن يتحدث عن نيلسون مانديلا موقد شعلة الحرية والعدل والمساواة فى بلاده.. هذا الرجل الذى سجن عام 1962 وحكم عليه بالإعدام مع بعض رفاقه، إلا أن السلطات تراجعت بسبب الضغوط الدولية.. ونيلسون مانديلا الذى حطم صنم العنصرية، وخرج من سجنه بعد 27 عاما، ليواجه الملايين من أبناء شعبه ويهتف: «أماندلا» التى تعنى بلغة قبائل الزولو: السلطة للشعب.. فأصبحت بالفعل للشعب من أجل الشعب لصالح الشعب.. «أماندلا»؟!