المقارنة المؤلمة
عمرو حمزاوي
آخر تحديث:
الأربعاء 12 أغسطس 2015 - 8:26 ص
بتوقيت القاهرة
كلما تقدم بى العمر، تلبستنى مشاعر الحسد والغيرة باتجاه البلدان المتقدمة وشعوبها التى يتيح لها التقدم كما تتيح لها الديمقراطية وسيادة القانون الحياة المستقرة وربما التمتع بقدر من الرخاء.
هى مشاعر حسد وغيرة حين النظر إلى حالهم ومقارنته بحالنا فى علاقة الحالين بعنصر الزمن مختزلا فى عمرى. عندما بدأت التعرف على العالم خارج مصر، كنت مأخوذا بجوانب تقدمه وحريته واحترامه لكرامة الإنسان. ثم تبدلت نظرتى من الانبهار والإعجاب إلى الاقتراب النقدى والتفكير فى الأبعاد السلبية لحياة المجتمعات الأوروبية والأمريكية الشمالية وفى الأبعاد الإيجابية لحياتنا نحن التى حضرت دوما على الرغم من الفقر وتدنى معدلات التنمية أو غيابها الكامل. ثم تراكمت خبرات الحياة وتعددت الأسفار وأماكن الإقامة وبعض المعارف المكتسبة من الناس ومن حب الفنون وبعض الأدبيات العلمية، وأدركت الارتباط العضوى بين اللحاق بقطار الغرب السريع أو بقطار الشرق الزاحف إلى الأمام أو بركب المجتمعات الجنوبية التى تجاوزت أزماتها خلال العقود القليلة الماضية وانفتحت على بناء التقدم وتحقيق التنمية وإرساء دعائم الديمقراطية وبين إزاحة السلطوية عن وجه مصر وإحلال الديمقراطية وسيادة القانون والعدل واحترام حقوق الناس وحرياتهم العامة والمدنية كما الاقتصادية والاجتماعية والثقافية محل حكم الفرد وخدمة السلطان وإماتة السياسة والنقاش العام. وكثيرا ما تراكمت الإحباطات بسبب تواصل ابتعادنا عن حلم التحول الديمقراطى والتنمية المستديمة.
بزغت طاقة للأمل وللحلم فى يناير 2011، وسرعان ما شرعت كغيرى من المهتمين بالشأن العام فى حساب الأشهر والأعوام التى سوف تحتاج إليها مصر للحاق بالقطار أو بالركب أو للركض بجوارهما. غير أن طاقة الأمل والحلم نزع عنها المعنى والمضمون، وعاد حكم الفرد والانسحاب من عملية التحول الديمقراطى والعصف بسيادة القانون ليسيطر على مصر ويعبث بعقولنا وحقوقنا ويفرض الهيستيريا بديلا للتقدم والتنمية والعدل. وعدت أنا للمقارنة، هذه المرة مع تقدم العمر بى دون حساب للأشهر والأعوام اللازمة للحاق بهم، بل ــ فقط ــ للشعور بالحسد والغيرة منهم ومن حالهم ومن حالنا الذى يبدو لى جاثما على مصائرنا بسلطويته وجهله وغياب تقدمه.
غدا.. هامش جديد للديمقراطية فى مصر.