المنافسة أم المشاركة؟!

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الإثنين 12 أغسطس 2024 - 6:15 م بتوقيت القاهرة

** قبل بدء الدورة الأولمبية تناولت فى عدة مقالات متتالية معنى التمثيل المشرف ولماذا كانت البعثة المصرية كبيرة، وفقا لما فرضته قواعد التأهل الدولية، وأوضحت أن اقتران البطولة بالميدالية فهم خاطئ لقيمة المشاركة الأولمبية، وأن حصول الرياضى على مركز متقدم فى النهائيات يعد إنجازًا فى هذا المستوى الرفيع من المنافسة، كما أوضحت أن عشرة آلاف رياضى يعودون إلى بلادهم دون ميداليات.. ومع ذلك يثور السؤال: هل نشارك لننافس أم نشارك وفقًا لقواعد التأهيل الدولية؟

** مبدئيًا حصلت 84 دولة من بين 206 دول على ميداليات، وحصل 1045 لاعبًا ولاعبة فى باريس على ميداليات، بينما عاد قرابة عشرة آلاف لاعب إلى بلادهم دون ميداليات. فهل كلهم من الفاشلين؟ وفى دورة طوكيو 2020، حصل 1017 لاعبًا ولاعبة على ميداليات وعاد عشرة آلاف و400 رياضى ورياضية دون ميداليات فهل كلهم من الفاشلين؟

** إن ربط الإنجاز فى الألعاب الاوليمبية بالميداليات هو خطأ يكشف عدم فهم هذا الحدث الرياضى الكبير. لكن فى الوقت نفسه لا بد من تمثيل مشرف حقيقى بعيدًا عن رفع هذا الشعار دون سند ودون عمق ودون دراسة وفهم لما يعنيه التمثيل المشرف، وقلت كثيرًا إن المراكز المتقدمة فى نهائيات لعبات فردية مثل السباحة والجمباز وألعاب القوى والغطس والرماية والسلاح والقوس والسهم وغيرها من الألعاب يمكن أن يكون تمثيلًا مشرفًا حتى المركز الثامن فى بعض اللعبات لكن الخروج من اللمسة الأولى، والهزيمة من المباراة الأولى، والسقوط من المنافسة سريعًا ليس تمثيلًا مشرفًا، والفارق بسيط للتوضيح.

** كرة اليد كانت فى أقرب فرصها للفوز بميدالية فى باريس، وكذلك كرة القدم كانت قريبة جدًا من لعب المباراة النهائية والفريق بحسابات المباراة وظروفها كان على مسافة 7 دقائق من النهائى قبل تعادل فرنسا عن جدارة وكانت الفريق الأفضل بالمستوى فى إجمالى المباراة، بينما لعبنا شوطًا مميزًا. وكان ذلك تمثيلًا مشرفًا، إلا أن الهزيمة من منتخب المغرب صفر/6 لا يمكن اعتبارها مجرد هزيمة، ولا بد من فهم أسبابها وإصلاحها، وهى لا تتعلق بالمنتخب مباشرة، وإنما بفلسفة ونظام كرة القدم فى مصر وسياسات التنظيم وإدارة المباريات والمسابقات!

** إن حجم البعثة الكبير فرضته قواعد التأهل القارية ونتائج بعض المنافسات العالمية، وحلم أى رياضى هو التأهل أولا للأولمبياد. لكن للدكتور أشرف الميدانى المحاضر والأمين العام للاتحاد العربى لإعداد القادة، بجانب مناصب رياضية وخبرات عديدة له وجهة نظر تستحق الدراسة، وهى التأهيل الإفريقى فى بعض اللعبات كاذب ولا يرقى إلى المستوى الأولمبى، أو هو مؤشر غير حقيقى للمستوى. نظرًا لضعف المسابقات القارية. كذلك كانت التوقعات فيها مبالغة كما يقول، ولا توجد دراسات تحليلية للدورات السابقة أو للبطولات التى أقيمت بين الدورتين الأولمبيتين، وأن التقييم لا يكون على أساس نتائجنا الإفريقية والعربية فقط، وإنما مراعاة المستويات الدولية والعالمية. ويقارن الدكتور أشرف بين عدد أفراد البعثة وعدد الميداليات، ويضع فى سياق المقارنة عدد بعثات تونس وبوتسوانا وهونج كونج، ويؤكد أن الإنفاق على الإعداد يبدو كبيرًا فى دولة تعانى اقتصاديًا، لكنه فى الواقع يعد إنفاقًا ضئيلًا عند مقارنته بدول أخرى.

ويطالب الدكتور أشرف الميدانى بتحديد أهداف المشاركة الأولمبية بدقة، وتجديد دماء الاتحادات التى يديرها شخصيات منذ 30 عامًا.

** يبقى أن نعترف بالمستوى الأولمبى وقيمته، وأن إحراز ثلاث ميداليات لا يتناسب مع تاريخ الرياضة المصرية وعدد السكان، وإن كان عدد الممارسين للرياضة حقًا لا يتناسب مع دولة يصل تعدادها مائة مليون نسمة.. وتلك قضية مهمة أيضًا، فالممارسة لا أقصد بها حصة ألعاب، وإنما ممارسة البطولة العالمية والأولمبية. وكثير من الدول الصغيرة التى فازت بميداليات فى باريس يتدرب أبطالها فى الجامعات الأمريكية أصلًا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved