شغل راسك.. إنت مصرى

غادة عبد العال
غادة عبد العال

آخر تحديث: الإثنين 12 سبتمبر 2011 - 1:15 م بتوقيت القاهرة

لكننا اخترنا الفوضى.. كتبها أحد أصدقائى على الفيسبوك بفخر مستحق، كان بيتكلم طبعا عن الاختيار اللى وضع أثناء الثورة أمام الجميع، وقت ما حاول النظام السابق إقناعنا بأننا أمام خيارين لا ثالث لهما، الاستمرار فى العيش تحت مظلة نظام أقسم كل أفراده اليمين على تقمص أدوار أشرار الأفلام الهندية بكل إتقان وتفان، وبين الحياة فى بلد تسوده الفوضى الكاملة، فاخترنا الفوضى بكل فخر وكان ما كان.

سقط النظام (أو هكذا نتمنى)، واستمر البلد يسير بقوة الدفع عكس كل التنبؤات، هل كنت تتخيل يوما أن ترى دولة بلا رئيس أو برلمان أو شرطة أو حكومة تسير كما يسير بلدنا الحبيب؟ فى أى دولة تانية كنت هتلاقى الدم بيسيل فى الشوارع، انتهاك تام للحرمات بجميع أشكالها، سرقة ونهب وحرق وتكسير (وليست أحداث لندن عنا ببعيدة) لكن إحنا، ميت فل وسبعتاشر.. صحيح يخيل للناس إن البلد فعلا فى حالة فوضى، لسه فيه إضرابات ولسه فيه اعتصامات، ولسه فيه حوادث طائفية، لسه أكوام الزبالة بتزحف على البيوت، ولسه فوضى المرور بتخنق شوارع كل مدينة فى البلد من أقصى الشمال لأقصى الجنوب، ولسه فيه طوابير قدام كل بنزينة سولار أو بنزين 80 ، ولسه عمليات نهب الأراضى شغالة على قدمين وأربع سيقان، لكن تظل الحسابات فى صالحنا.

كان ممكن تكون الأمور أسوأ من كده بكتير، لكن ستر ربنا إن مع كل مظهر من مظاهر الفوضى بتظهر فى الجهة المقابلة محاولات للإصلاح واقتراحات مبتكرة لحلول جديدة، فالظروف الاستثنائية برضه محتاجة حلول استثنائية ولو على سبيل ضخ الأمل فى قلوب ماليها القلق. وكتير من الناس بتفكر وكتير منها بتبتكر، لو مش مصدق إركب أى تاكسى واسأل سواقه عن حل أى مشكلة، «شوفى يا أبلة، أنا عندى الحل، مش بتوع التحرير عايزين يعتصموا، يعتصموا، مش المجلس العسكرى خايف على عجلة الإنتاج، هنصلحله العجلة، هم بس يعملوا بوابة على آخر كوبرى قصر النيل واللى عايز يدخل التحرير يعتصم يدفع خمساية، شوفى بأه مليونيتين تلاتة فى الشهر ينغنغوا البلد إزاى، ويحطوا صباعهم فى عين الكبير اللى يقولهم إنتوا معطلين البلد».

ده كان اقتراح سواق تاكسى لحل مشكلة عجلة الإنتاج المخرومة اللى بيلقوا بمسئوليتها على معتصمى التحرير، «كل واحد يصحى الصبح بكل هدوء وياخد كيس الزبالة بكل أدب ويركب تاكسى بكل احترام ويروح يحط الكيس بكل فخر قدام مبنى الحى التابع ليه»، دى كانت تعليمات أحد أعضاء جروب: «إرمى زبالتك قدام الحى» لحل مشكلة فقدان حاسة الشم والنظر والسمع لدى مسئولى أحياء مصر فيما يتعلق بغزوة صناديق الزبالة. وإذا كان الاقتراحين دول ممكن يكونوا خياليين بالنسبة للبعض، فيه أفكار تانية غير تقليدية بيتم تنفيذها فعلا وبتبشر بالنجاح، عندك مثلا «هاتجوز بجنيه» جمعية أنشأها مجموعة من الشباب اللى بيتبرع كل منهم بجنيه يوميا فيما يشبه الجمعية وكل ما يتجمع عندهم مبلغ كافى يجوزوا واحد فيهم وهو ده حلهم لمشكلة ارتفاع تكاليف الجواز.

«واحد ع الحيطة» نظام جديد اقترحه أحدهم على أحد المطاعم لتشجيع زباينه على فعل الخير، تدخل سيادتك وتطلب ساندوتش مثلا وتطلب زيه واحد ع الحيطه، يكتب الجرسون ورقة بواحد سندوتش ويعلقها ع الحيطه ولما يجيله حد محتاج يديهوله بعد ما تكون انت دفعت تمن الاتنين.

عشرات وعشرات الحلول المبتكرة للمشاكل المستجدة أو المزمنة بيبتكرها كل يوم مصريين كتير، وكل أملى إننا نفضل نبتكر فى حلول أضعاف أضعاف ما بنتسبب فى مشاكل، الطرق التقليدية أثبتت فشلها الذريع وإحنا فى حاجة لحلول جديدة تتميز بالابتكار وأحيانا بالطققان حتى ولو على سبيل محاولة ضخ روح جديدة فى مجتمع توقف ابتكاريا من سنين. يمكن تكون دى فرصتنا نغير كتير من التقاليد والروتين اللى خنق حياتنا ونرجع من الأزمة أقوى وأسعد وأكتر مرونة فى التعامل مع مشكلات ورثناها وورثنا محاولات فاشلة لحلها سنين ورا سنين. دعوة لكل مصرى عايز الخير للى حواليه، حل مشكلاتك بطريقة جديدة، تريحك وتسعدك وتسعد كل الناس، شغل راسك.. إنت مصرى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved