عن مبادرة الجامعة العربية
بسمة قضماني
آخر تحديث:
الإثنين 12 سبتمبر 2011 - 1:10 م
بتوقيت القاهرة
خطة الجامعة العربية للخروج من الأزمة فى سوريا غير مقبولة طبعا بالنسبة للشعب السورى والذى يحملها - أى الأمين العام السفير نبيل العربى - يدرك ذلك بالتأكيد فهو عاش كمصرى الثورة فى بلده ويعلم ان الشعب المصرى لم يعد يقبل أى مساومات ولا تأخير فى رحيل الرئيس مبارك مجرد ان قرر النظام إطلاق النار على الثوار وأصبح هناك دم بين النظام والشعب. فى سوريا خط الدم هذا أصبح نهرا والنظام يجهز نفسه لإطلاق حرب شاملة على البلد بأكمله فى الأيام القادمة. التصريحات من ممثلى السلطة حول ضرورة التخلص مما يسمونها العصابات الإرهابية وما ينوى النظام القيام به يذكر بالعبارات التى استخدمها سيف الإسلام القذافى فى ليبيا.
الشعب فى الشارع أصبح يطالب بحماية دولية للمدنيين ووزير الخارجية الفرنسى يتحدث فى موسكو عن ارتكاب النظام السورى جرائم ضد الإنسانية. فبينما الشعب والقوى العالمية تقول ان النظام السورى قطع مرحلة اللاعودة تأتى الخطة العربية وكأنها تسعى إلى إنقاذ النظام من الزوال الحتمى بدلا من إنقاذ المدنيين من نيرانه.
مع هذا كله نرى انه كان لا بد للجامعة العربية ان تتدخل فى الشأن السورى بعد انتظار طال وان تفعل ذلك بأكثر من مجرد تصريحات عن قلقها البالغ مما يحدث. الجميع يعلم بما فيها الأنظمة العربية كلها ان النظام السورى قد انتهى سياسيا وأيديولوجيا ولم يبق إلا زواله جسديا اذا صح التعبير. والخطة المطروحة تتضمّن بندا من شأنه ان ينسف كل ما ورد من طروحات أخرى وهو البند الذى يتحدث عن ضرورة وقف العنف فورا وسحب وحدات الأمن والجيش من جميع المدن. فبما ان النظام لا يمكن ان يرضى بهذا الاقتراح لأنه يدرك ان ذلك سيأتى بمظاهرات مليونية فى كل أنحاء البلاد تسرّع فى إنهاء حكمه فإن الخطة بكاملها ممكن ان تعتبر ميتة قبل الولادة.
ربما تكون هناك منفعة من طرح المبادرة العربية الآن شرط الا تتحول إلى أرضية للمساومات وتقدم للسلطات فى دمشق أن العرب لا يستطيعون الاصطفاف مباشرة وراء من ينادى بإسقاط النظام قبل ان يقوموا بدورهم الطبيعى وهو الوساطة لمحاولة إيجاد حل توافقى قبل الإعلان عن استحالة الحل التوافقى.
قد يكون هذا هو الحسبان عند الدول التى أعلنت عن يأسها من نظام بشار الأسد. أى ان لا مجال فى ذلك الوقت للعرب إلا ان يعلنوا عن ضرورة رحيل النظام فيصبح من الأسهل تغيير الموقف الدولى باتجاه الإدانة الصريحة والجماعية للنظام، بدءا بإزالة عقبة الممانعة الروسية والصينية فى مجلس الأمن لكى يصدر أخيرا قرار عنه. يبقى هذا هدفا متواضعا لكنه الخطوة الأولى الضرورية لرفع الغطاء عن نظام مجرم. المشكلة انه فى أحسن الأحوال وإذا أحسنا الظن فى الهدف من المبادرة العربية، يبقى ان المناورات هذه قد ستستغرق وقتا طويلا والوقت ثمنه دم شباب سوريا.