التجربة الأسترالية

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

آخر تحديث: الخميس 12 سبتمبر 2024 - 7:05 م بتوقيت القاهرة

منذ أيام قليلة أعلنت الحكومة الأسترالية خطتها للحد من إدمان الأطفال لموقع التواصل الاجتماعى، الخطة تهدف لمنع الأطفال الذين لا تزيد أعمارهم عن 16 عاما من استخدام مواقع التواصل الاجتماعى، وذلك بغرض أن يقضى الأطفال وقت فراغهم فى الملاعب وحمامات السباحة بدلا من قضائها أمام الهواتف النقالة والأجهزة اللوحية، ذات التطبيقات الذكية التى تسمح لهم بالدخول على الفيس بوك وغيرها من التطبيقات التى قال عنها رئيس الوزراء الإسترالى أنتونى البانيزى أنها ستكشف شخصية من سيتعامل مع تلك المواقع وعمره بدقه. وقال رئيس الوزراء الاسترالى أن الإجراء الذى ستقوم به الحكومة سيتم من خلال تقديم مشروع قانون أمام البرلمان يرجح أن يوافق عليه العام الحالى.

هكذا يتعامل الغرب أو المنتمون إلى الحضارة الغربية مع الجيل الصاعد، حتى يكون نموذجا للشباب القادم، شباب معطاء وواعد، قادر على التعامل مع أناس فى العالم الحقيقى وليس الافتراضى، يقضى وقته فيما يفيد وطنه ومجتمعه.

ما يحدث لدينا فى مصر ومجتماعاتنا العربية هو أن الأطفال يتم تقديم الهواتف النقالة لهم كهدايا فى أعياد ميلادهم لتشجيعهم دون قصد على قضاء وقت فراغهم فى كل ما هو يضر بحالتهم الصحية، لما ثبت من تأثير استمرار النظر إلى الهواتف النقالة خاصة فى هذا السن على المخ والبصر، حيث يمكث الكثيرون أوقاتا طويلة أمام شاشات تلك الوسائل، ناهيك عن إصابة الجسم بالكسل والخمول، وكذلك اتباع العديد من العادات السيئة التى تضر بكل من حول المستخدم نتيجة التطبيقات الأخرى التى تستخدم فى كل ما هو خارج عن القيم والأخلاق، كالتجسس والغش الجماعى فى امتحانات المدارس والتنصت والتسجيل والتصوير بدون إذن، وخلع الصور الشخصية من سياقها عبر برامج الفوتوشوب ووضعها فى سياق مخل بالآداب العامة، وغيرها من أمور، وهو ما تسبب فى حالات انتحار، وخراب البيوت وهدم الأسر، نتيجة حالات الطلاق، والقطيعة بين الناس وبعضهم، خاصة عبر جروبات الواتس أب المؤسسة لأصحاب السكن الواحد أو المهنة الواحدة، والتى تتناول النقد بأقذع الألفاظ وتبادل السباب، لما هو يتجاوز بكثير مسألة قضاء الأطفال أوقاتهم فيما لا يفيد.

مشكلة الأطفال بحق تستحق وقفة من جانب الدولة، فالمدارس ليس لديها اليوم الكثير مما تقدمه بسبب مشكلات التعليم فى البلاد، والتى تحاول الحكومة الجديدة اليوم ترميم الخلل فى بنيتها التنظيمية بالحضور للمدارس ومحاربة الدروس الخصوصية والإتاحة ومنع التسرب. هناك الإجازة الصيفية التى يجب أن تستغل من قبل هؤلاء بشكل مفيد وجيد، النوادى الرياضية ومراكز الشباب كلها وسائل مهمة لإلهاء الأطفال فيما يفيد. التجربة الأسترالية أيضا حال نجاحها جيدة لتطبيقها ومحاكاتها.

لا شك أن الأسرة - كمؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية - عليها عامل مهم إلى جانب الدولة لاستثمار أوقات الأطفال فيما يفيد، ولا شك أن تربية الأبناء على الحد من تلك الهواتف الذكية، وتخصيص أوقات لها، ومنعها من دخولها أو شحنها فى غرف نوم الأطفال مهم للغاية، حتى لا تزيد تأثيرها على الأبناء أثناء النوم، وتلقين الأبناء فى كيقية استخدامها فى البحث والدراسة والتوعية بكل ما هو مفيد، لهو سبيل مفيد فى التعامل مع تلك الوسيلة وهذه السن الحرجة.  

   

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved