قسطرة .. فى علبتها!
ليلى إبراهيم شلبي
آخر تحديث:
السبت 12 أكتوبر 2013 - 9:25 ص
بتوقيت القاهرة
رغبة منى فى الهرب من وقع ضغوط الحياة اليومية تمنيت لو أقضى نهارا أحدق فى الأفق اللا نهائى الذى يمتد إليه البحر. أرقب حركة المد والجزر التى لا تكل فيها الأمواج من الاندفاع فى اتجاه الشاطئ صاخبة حتى تصل إلى مداها فتنسحب برفق متأنية عائدة إلى عمق البحر تستجمع رغبتها فى ملامسة الشاطئ مرة أخرى فترتفع لتلقى بنفسها مرة أخرى على الرمال لتستجمع ما تبعثر منها وتعود متأنية من حيث أتت. مرات ومرات يتلاشى معها إيقاع القلق الذى يدق رأسى ليحل محله ذلك الإيقاع الرتيب المرح لذلك الحوار الودود المتصل بين الأمواج والشاطئ.
ذهبت فى عطلة نهاية الأسبوع إلى الإسكندرية أبحث عن سكينة للنفس نفتقدها جميعا فى أيامنا تلك ويبحث عنها كل منا بطريقته الخاصة. لا أنكر أن رائحة البحر قد غسلت رئتىّ وملأت صدرى بهواء طازج لم تصل إليه بعد ملوثات مدينتى التى يجرى فيها النيل. لكن هناك، وقبل أن أبدأ رحلة العودة فاجأتنى الإسكندرية بما كدر يومى ولاحقنى حتى القاهرة.
على الكورنيش العديد من لافتات الدعاية المضيئة لأنشطة مختلفة. إذا تجاهلت الدعاية للمطاعم ومحال الموبيليا والشاليهات الفاخرة وغيرها فإنك لن تستطيع تفادى إعلانات الطب والمراكز الطبية. فى كل بلاد العالم يحظر تماما الإعلان عن الأطباء ومراكزهم الطبية. فلا ترى لافتات معلقة تحمل اسم طبيب ما لا أبيض وأسود ولا ألوان فما بالك بتلك المضيئة بالنيون وألوان الفسفور! لا تقتصر الإعلانات على كورنيش إسكندرية على الدعاية للأطباء ومراكزهم إنما تدعو «الزبائن» ــ أعتذر لاستخدامى هذا الوصف ــ إلى التأكد من جودة «البضاعة» ــ أعتذر للمرة الثانية ــ تقول إحدى اللافتات «تأكدوا من استلامكم قسطرة فى علبتها!» أما الأخرى فتؤكد أن المركز يستخدم «دعامات أصلية لم ينتهِ عمرها الافتراضى ومسجل عليها تاريخ صلاحيتها».
هذا بالطبع تحذير للمرضى من أن هناك مراكز أخرى تستخدم القسطرة الواحدة لعدد من المرضى بعد إعادة تعقيمها وربما تستخدم بلا تعقيم. هذا لمن لا يعرف هو أحد أسباب انتقال العدوى المؤكدة بفيروسات التهاب الكبد الوبائى «ب وسى». الإعلان الثانى يشى بأن هناك مراكز أخرى تستخدم دعامات «مضروبة»، بينما تتقاضى ثمن دعامات أصلية! هل يجب أن أعتذر للمرة الثالثة عزيزى القارئ؟